للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

F e

المجلس السابع والعشرون (١)

[بعض الأهوال المتعلقة بأحوال الناس يوم القيامة]

ذكرنا أنَّ الحشرَ مبتدؤُه من طلوع الناس من قبورهم إلى نهايةِ الموقف وانقسامِ الناس إلى فريقين: فريقٍ في الجنة، وفريقٍ في السعير، وذلك اليومُ العظيمُ الذي يبدأ من خروج الناس من قبورهم، تتخلَّلُه أحداثٌ عظيمة جاء ذِكْرُها في كتاب الله وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وفي هذا المجلس سنقف على شيء من هذه الأهوال العظيمة.

[الأرض تنطق يوم القيامة عند البعث والحشر]

جاء في سنن الإمام ابن ماجه من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِذَا كَانَ أَجَلُ أَحَدِكُمْ بِأَرْضٍ أَوْثَبَتْهُ إِلَيْهَا الْحَاجَةُ، فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ، قَبَضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، فَتَقُولُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي» (٢)

تنطق الأرض حين إخراج الناس من القبور والبعث والنشور، فتقول: «رَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي» فيخرج الناس من قبورهم.

يقول ربنا سبحانه: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥)} [طه] فيخرجون للبعث والحساب.

وهذا من آيات الله العظيمة كما قال -جل وعلا-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥)} [الروم].

قال القرطبي -رحمه الله-: " {إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} أي:


(١) كان في يوم الأربعاء السابع والعشرين من شهر رمضان ١٤٤١ هـ.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٤٢٦٣). وهو في السلسلة الصحيحة (١٢٢٢). ورجح جماعة وقفه كما في العلل لابن أبي حاتم، والعلل للدارقطني وانظر: أحاديث معلة ظاهرها الصحة (٣١٠) وللموقوف حكم الرفع فمثله لا يقال من قبيل الرأي. وفي جامع الترمذي (٢١٤٧) بسند صحيح عَنْ أَبِي عَزَّةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا قَضَى اللَّهُ لِعَبْدٍ أَنْ يَمُوتَ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً، أَوْ قَالَ: بِهَا حَاجَةً»

<<  <  ج: ص:  >  >>