للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أعظم كرامة للمؤمن]

وأعظم كرامة للمؤمن هي استقامته على طاعة الله -جل وعلا- ولهذا يقول العلماء: لا يُشترَط في المؤمن الولي من أولياء أن تحصل له كرامة أو أن تقع له كرامة، وإنما الواجب على المؤمن أن يسعى للاستقامة على طاعة الله لا أن يسعى بحثًا عن الكرامة.

[لا يشترط حصول الكرامة للولي]

وقد يقول بعض الناس في أنفسهم: لماذا لا تحصل لي أنا كرامة من الكرامات؟! فنقول: هذا ليس بلازم. فالأمر اللازم والواجب هو الاستقامة على دين الله -جل وعلا-. وفي هذا يقول بعض أهل العلم كما ينقل شيخ الإسلام وغيره أن العلماء من أئمة الدين متَّفِقون على أنَّ الرجل لو طار في الهواء ومشى على الماء لم يثبت له ولاية بل ولا إسلام حتى يُنظَر وقوفُه عند الأمر والنهي الذي بَعَثَ اللهُ به رسولَه -صلى الله عليه وسلم- (١).

وقد اشتهر عن الشافعي -رحمه الله- أنه لما قيل له: إنَّ الليث بن سعد - وهو إمام أهل مصر في زمانه- يقول: لَوْ رَأَيْتَهُ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، -يَعْنِي: صَاحِبَ الْكَلامِ- لا تَثِقْ بِهِ أَوْ لا تَغْتَرَّ بِهِ، وَلا تُكَلِّمْهُ فقال الشافعي: فَإِنَّهُ وَاللَّهِ قَدْ قَصَّرَ إِنْ رَأَيْتَهُ يَمْشِي فِي الْهَوَاءِ، فَلا تَرْكَنْ إِلَيْهِ (٢). وهذا يدل على عِظَمِ هذا الأمر، وأنَّ الواجب هو الاستقامة على دين الله -جل وعلا-.

يقول العلامة ابن كثير: لا بُدَّ من اختبار صاحب الحال بالكتاب والسنة، فمن وافق حاله الكتاب والسنة، فهو رجل صالح سواء كاشف أم لا، ومن لم يوافق فليس برجل صالح سواء كاشف أم لا (٣).

والعامة اليوم يغترون بكثير من هؤلاء، -نسأل الله السلامة والعافية-.

إذًا الواجب على المؤمن والذي ينبغي أن يسعى إليه هو استقامته على طاعة الله -جل وعلا- وحرصُه على أن يكون موافقًا لسنة الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.


(١) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص: ٧٩، ٧٨).
(٢) رواه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه (ص: ١٤١) - ومن طريقه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (١/ ١٦٤)، والهروي في أحاديث في ذم الكلام وأهله (ص: ٩٤) - وابن بطة في الإبانة الكبرى (٦٦٢) وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٩/ ١١٦) والبيهقي في مناقب الشافعي (١/ ٤٥٣).
(٣) البداية والنهاية (١٧/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>