للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتنة القبر وسؤال المَلَكَيْنِ:

والفتنة هي هذه الأسئلة التي يُسْأَلُهَا الإنسان في قبره ويُسمِّيها العلماءُ بفتنة القبر، فالإنسانُ إذا وُضِعَ في قبره يأتيه ملكان، يقال لأحدهما المنكر ويقال للآخر النكير، فيسألانه. كما تقدم في الأحاديث: يقال له: مَنْ ربُّكَ؟ فيقولُ العبد المؤمن: رَبِّيَ اللهُ، -فهو عاش على ذلك وعلى ذلك مات-، يقول: ربي الله أي: إلهي ومعبودي وخالقي هو الله، فيقولانِ له: ما دِينُكَ؟ فيقولُ: دِينِيَ الإسلامُ، فيقولانِ له: ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقولُ: هو رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فيقولانِ له: وما [علمُكَ]؟ فيقولُ: قرأتُ كتابَ اللهِ، فآمَنْتُ به، وصَدَّقْتُ، فيَنْتَهِرُهُ، فيقولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ ما دِينُكَ؟ مَنْ نبيُّكَ؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: وهي آخِرُ فتنةٍ تُعْرَضُ على المؤمنِ، كما في حديث البراء المتقدم.

هذه الأسئلة الثلاثة التي من عاش في الدنيا لأجلها وفَّقه الله وثبَّته بالقول الثابت، ومن أعرض عنها لم يستطع أن يجيب.

والمتأمل لحديث البراء عند قراءته يعيش هذه الرحلة العظيمة التي تمشي مع النفس مع الإنسان من حين يموت وإلى أن يوضع في قبره، فيكون قبره عليه إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار، فيجب على المسلم أن يؤمن بذلك، وأن يصدق بذلك، وأن يعمل من العمل الصالح ما يكون سببًا في نجاته من عذاب الله فإن لنعيم القبر أسبابًا وأعمالًا ينبغي على المؤمن أن يسلكها، وأن يعمل بها، وإن لعذاب القبر أسبابًا يجب على المؤمن أن يجتنبها وأن يحذر منها. وإن من عقيدة المؤمن التي يجب أن يعتقدها أن يعتقد أن القبر فيه نعيم وفيه عذاب كما جاءت بذلك الأخبار والأدلة من كتاب الله وسنة النبي المختار -عليه الصلاة والسلام-.

وسيأتي ذكر شيء من ذلك في المجلس القادم -إن شاء الله-.

والحمد لله رب العالمين

<<  <  ج: ص:  >  >>