للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

JIH

حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في دعاء الهم والحزن

ونختم بالوقوف مع بعض الكلمات الواردة في دعاء مبارك من الأدعية النبوية أيضًا،

وهو ما خرجه الإمام أحمد وابن حبان وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا». -وهذا دعاءٌ عظيم وكلمات عظيمة علَّمنا إياها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولما سمعها الصحابة فرحوا بها وقالوا: يا رسول الله، ألا نتعلمها؟ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا» (١).

وقد تضمنت هذه الكلمات أربعة أصول عظيمة:

أما الأول: فهو تحقيق العبادة لله وتمام الانكسار بين يديه والخضوع له واعتراف العبد بأنه مخلوق لله، مملوك له هو وآباؤه وأُمَّاتُه، ابتداءً من أبويه القريبين وانتهاءً بآدم وحواء، وانظر ماذا يقول العبد: «اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ».

وهذا هو الأصل الثاني أن العبد يؤمن بقضاء الله وقدره وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأنه -سبحانه- لا معقب لحكمه، ولا رادَّ لقضائه {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: ٢]. ويقول في هذا الدعاء:


(١) أحمد (٣٧١٢)، ابن حبان (٩٧٢) وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>