للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنفسه. وقوله: «وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ» فإنه يعني أنه بعد أن سأله أن يختار له سبحانه بمقتضى علمه في عواقب الأمور، أي فقد سألتك أن تقديري على ما يقتضيه علمك في ذلك الأمر ولا تقدرني على ما ليست عاقبته جميلة، أي لا تبسط قدرتي إلا على ما هو الخيرة في علمك. ثم عقب ذلك بأن قال: «وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» أي لمَّا عرفت أنَّ الخيرة بعلمك والقدرة مني بقدرتك حينئذ سألتك من فضلك العظيم، ولما لم يعين عند سؤاله من الفضل جنسا من الفضل، كان هذا الفضل متناولا كل جنس من الفضل، ولما كان ذلك راجعا إلى إنعام الله وصفه بأنه عظيم. ثم قال: «فَإِنَّكَ تَقْدِرُ، وَلَا أَقْدِرُ» أي أنت تقدر، وحالي أنا أني لا أقدر، … وقوله: «ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» أي إذا قدرت لي الخير، فاحمِ قلبي من أن يستزيد بعد أو يرى أنك لم تختر لي الأفضل، ولم يقل صبرني عليه، ولكن قال: «رَضِّنِي بِهِ» أي اجعلني من الراضين فإن مقامه فوق مقام الصبر، فينبغي له إذا صرف عنه الأمر ألا يتأثر بالصرف، … إلخ (١).

فيا عبد الله، إذا وجدت شكًّا أو وسوسة في باب القضاء والقدر فَعُدْ إلى هذه الأدعية المباركة العظيمة التي علَّمنا إياها النبي -صلى الله عليه وسلم-.


(١) «الإفصاح عن معاني الصحاح» (٨/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>