للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• الَّذِي إِذَا فَتَحَ لِعَبْدِهِ رَحْمَةً لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ حَبْسَهَا عَنْهُ، وَإِذَا أَمْسَكَهَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ إِرْسَالَهَا إِلَيْهِ مِنَ التَّطَيُّرِ وَالتَّنْجِيمِ وَاخْتِيَارِ الطَّالِعِ وَنَحْوِهِ.

فَهَذَا الدُّعَاءُ، هُوَ الطَّالِعُ الْمَيْمُونُ السَّعِيدُ، طَالِعُ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَالتَّوْفِيقِ، الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى، لَا طَالِعُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالشَّقَاءِ وَالْخِذْلَانِ، الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.

فَتَضَمَّنَ هَذَا الدُّعَاءُ:

• الْإِقْرَارَ بِوُجُودِهِ سُبْحَانَهُ،

• وَالْإِقْرَارَ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ مِنْ كَمَالِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ،

• وَالْإِقْرَارَ بِرُبُوبِيَّتِهِ،

• وَتَفْوِيضَ الْأَمْرِ إِلَيْهِ،

• وَالِاسْتِعَانَةَ بِهِ،

• وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ،

• وَالْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَةِ نَفْسِهِ، وَالتَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِهِ،

• وَاعْتِرَافَ الْعَبْدِ بِعَجْزِهِ عَنْ عِلْمِهِ بِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا، وَإِرَادَتِهِ لَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِيَدِ وَلِيِّهِ وَفَاطِرِهِ وَإِلَهِهِ الْحَقِّ ا. هـ (١).

وقال الوزير ابن هبيرة -رحمه الله-: علَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المستخير أحسن لفظ ينطق به في الاستخارة. وقوله: «أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ» فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب الخيرة من الله، ثم علق ذلك بعلم الله، وأشار فيما أرى بهذا، إلى قوله: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)} [البقرة] فلما كانت عواقب الأمور لا يعلمها العبد، قال: «أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ» أي ما تعلم أنت أنَّ عاقبته لي الخيرة مقدما علم الله سبحانه واختياره على حد مبلغ علم آدمي واختياره


(١) زاد المعاد (٢/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>