[كفر من لم يؤمن بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- من أهل الكتاب]
ومن كفر بالرسل وهو يزعم أنه يؤمن بالله، فهو عند الله كافر؛ إذ أمرنا الله-سبحانه-بالإيمان بجميع الأنبياء فمن كفر برسول واحد كفر بجميع الرسل. وهؤلاء الذين يزعمون أنهم أهل كتاب من يهود ونصارى وهم يكفرون بمحمد -صلى الله عليه وسلم- هم كفار، وبعضُ الناس يجد حرجًا من وصفهم بالكفر، ويقول: كلَّا، إنهم أهل كتاب. وهذا من الجهل فإن التكذيب برسول واحد تكذيب لهم جميعا.
[التكذيب برسول واحد تكذيب لجميع المرسلين]
نعم، هم أهل كتاب، لكنهم لما كفروا بنبينا -صلى الله عليه وسلم- صاروا مكذبين لجميع الأنبياء، وتأمل قول الله -سبحانه وتعالى-: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} [الشعراء]
وقال -جل وعلا-: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)} [الشعراء]
وقال سبحانه: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١)} [الشعراء]،
وقال سبحانه: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠)} [الشعراء]،
وقال سبحانه: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦)} [الشعراء]،
ولو تأملت فكل أمة كذبت رسولها إلا أن التكذيب برسول واحد يعد تكذيبًا بالرسل كلهم؛ ولهذا لا يُفرِّق المؤمنُ بين أحد منهم، قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء]. فنصَّت الآية على كفر من زعم الإيمان بالله وكَفَرَ بالرسل {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ}. فهذا كفر، حيث فَرَضَ اللهُ على الناس أن يعبدوه لكن كيف يعبدونه؟ يعبدونه بما شرع على ألسنة الرسل، فإذا كفروا برسول منهم فقد رَدُّوا شريعة الله -سبحانه وتعالى-، فهذا من التفريق بين الرسل.