للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ومن أعظم العبادات طلب العلم]

طلبُك للعلم وحضورك لمجالس العلم والاستفادة سماعًا، أو رؤيةً، أو قراءةً أو استفسارًا؛ فكلُّ ذلك من العلم الذي يقربك ويدنيك إلى الله. يقول -عليه الصلاة والسلام-: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» (١).

فتأمل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا»، فـ (طريقًا): نكرة في سياق الشرط تفيد العموم؛ فأيّ طريق تسلكه من الطرق المعلومة في طلب العلم، سواء الطرق الحسية وذلك بالمشي إلى حلق العلم، أو الطرق المعنوية بأن يمشي الإنسان في طريق العلم بقراءة الكتب النافعة التي ألفها من يوثق بعلمهم ودينهم، ككتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهم من المحققين من أهل العلم، فكل ذلك مما يشمله الحديث. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «يَلْتَمِسُ» يعني يطلب ولو شيئًا يسيرًا سواء حصّله أم لم يحصله، وقوله: «عِلْمًا» نكرة في سياق الإثبات فيدخل في ذلك كل ما هو من العلم ولوكان قليلا.

والبشارة في آخر الحديث «سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» فما دام أنه سلك بنفسه هذا الطريق العظيم فإن هذا مما يدنيه من جنة عرضها السماوات والأرض.

-"جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة"-، فأحبوا العلم من قلوبكم وأقبلوا على كتاب الله وعلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُبارَكْ لكم في أوقاتكم ويبارك لكم في أعماركم ويبارك لكم في صحتكم. -نسأل الله -جل وعلا- أن يُحبِّب إلينا العلم الشرعي-.

وقد كان من دعائه -صلى الله عليه وسلم-: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا». تقول أمُ سَلَمَة -رضي الله عنها-: كان يدعو بذلك دُبُرَ كلِّ صلاةِ فجرٍ (٢).

وكان -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ بالله «مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» (٣). وأمره ربه -جل وعلا- بالدعاء بأن يزداد علما فقال -سبحانه وتعالى-: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (١١٤)} [طه: ١١٤].


(١) أخرجه مسلم (٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه أحمد (٢٦٥٢١)، وابن ماجه (٩٢٥)، وصححه الألباني في «تمام المنة» (ص ٢٣٣)
(٣) مسلم (٢٧٢٢) من حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>