للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمِنْ نَفْسِكَ} أَيْ: فَمِنْ قِبَلِكَ، وَمِنْ عَمَلِكَ أَنْتَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} [الشورى] قَالَ السُّدِّيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ جُريج، وَابْنُ زَيْدٍ: {فَمِنْ نَفْسِكَ} أَيْ: بِذَنْبِكَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} عُقُوبَةً يَا ابْنَ آدَمَ بِذَنْبِكَ … وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} أَيْ: بِذَنْبِكَ، وَأَنَا الَّذِي قَدَّرْتُهَا عَلَيْكَ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ (١). وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سَهْلٌ -يَعْنِي ابْنَ بَكَّار -حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ وَاصِلِ بْنِ أَخِي مُطَرِّف، عَنْ مُطَرِّف بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَا تُرِيدُونَ مِنَ الْقَدَرِ، أَمَا تَكْفِيكُمُ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} [النساء: ٧٨] أَيْ: مِنْ نَفْسِكَ، وَاللَّهِ مَا وُكِلُوا إِلَى الْقَدَرِ وَقَدْ أُمِروا وَإِلَيْهِ يَصِيرُونَ (٢). وَهَذَا كَلَامٌ مَتِينٌ قَوِيٌّ فِي الرَّدِّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ أَيْضًا ا. هـ (٣).

[تعريف الإيمان بالقدر]

هو الإيمان بأنه لا يقع شيء في الوجود إلا بعلم الله وكتابته السابقة ومشيئته النافذة وخلقه له خيرًا أو شرًّا حلوًا أو مُرًّا. فما من شيء في هذا الكون يقع إلا بتقدير الله. فإيمانك بالقضاء والقدر يعني أن تؤمن بأن كلَّ شيء من عند الله.

[تعريف القدر بالقدرة]

وقد جاء تفسير القدر عند بعض السلف كزيد بن أسلم والإمام أحمد بن حنبل وغيرهم أن القدر هو "قدرة الله -جل وعلا- على العباد … " أي: إن الله قادر على كل شيء.

فعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ -رحمه الله- أنه قَالَ: الْقَدَرُ قَدْرَةُ اللَّهُ -جل وعلا-، فَمَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ فَقَدْ جَحَدَ قُدْرَةَ اللَّهِ -جل وعلا- (٤). وروي عن زيد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. (٥)


(١) انظر: «تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر» (٧/ ٢٤٣).
(٢) انظر: «تفسير ابن أبي حاتم» (٣/ ١٠٠٩).
(٣) تفسير ابن كثير ت سلامة (٢/ ٣٦٣)
(٤) القدر للفريابي (٢٠٧) -وعنه الآجري في الشريعة (٤٨٢) -. وابن بطة في الإبانة الكبرى (١٨٠٥)
(٥) الإبانة الكبرى لابن بطة (١٥٦٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>