للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ذلك اليوم يوم عدل، وظهور حقّ، فاقتضت الحكمة أن يكون المحل الذي يقع فيه ذلك طاهراً عن عمل المعصية والظلم، ولأن الحكم فيه إنما يكون لله وحده، فناسب أن يكون المحل خالصاً له وحده، قاله أبو بكر ابن أبي جمرة (١) -رحمه الله- (٢).

[مكان الناس عند الحشر]

وسألت عائشة -رضي الله عنها- رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عن قوله -عز وجل-: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} فقالت: فأين يكون الناس يومئذ؟ يا رسول الله. فقال: «عَلَى الصِّرَاطِ» (٣).

[حشر الدواب]

ودلت الأدلة أن الدواب تُحشَر مع الخلائق أيضًا يقول ربنا -جل وعلا-: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)} [التكوير] يعني جمعت بعد أن ماتت.

وقال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)} [الأنعام].

فتحشر الأمم كلها من الدواب والطير، فيُنْصَف بعضُهم من بعض حتى إنه يؤخذ للجماء من القرناء.

ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» (٤)

الشاة الجلحاء والجماء: التي ليس لها قرن. فإذا ظلمت في الدنيا من ذات القرن يؤتى بها يوم القيامة فيقاد لها.


(١) هو محمد بن أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة الأموي، فقيه مالكي من أعيان الأندلس، توفي سنة (٥٩٩ هـ). انظر: شذرات الذهب (٤/ ٣٤٢)، وسير أعلام النبلاء - ط الرسالة- (٢١/ ٣٩٨)
(٢) انظر: فتح الباري (١١/ ٣٧٥) وشرح النووي (١٧/ ١٣٤)
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٩١)
(٤) أخرجه مسلم (٢٥٨٢). ورواه أحمد في المسند (٧٩٩٦) بلفظ: « … حَتَّى تُقَادَ الشَّاةُ الْجَمَّاءُ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>