للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزِيَادَةٌ} [يونس: ٢٦]: " يقول للذين شهدوا (أنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) الجنة" (١).

وجاء تفسير الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله الكريم -سبحانه وتعالى- (٢).

[هي كلمة الإخلاص المنجية من عذاب الله]

وهي كلمة الإخلاص المنجية من عذاب الله. فعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حُرِّمَ عَلَى النَّارِ» [فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يُخْبِرْنَاهَا]، فقال له عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: أنا أحدِّثُك ما هي، هي كلمة الإخلاص التي ألزمها الله -تبارك وتعالى- محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وهي كلمة التقوى التي أَلَاصَ عليها (٣) نبي الله -صلى الله عليه وسلم- عمَّه أبا طالب عند الموت: شهادة أن لا إله إلا الله" (٤)

[هي دعوة الأنبياء]

وبعث الله الأنبياء بهذه الكلمة العظيمة التي تدل على التوحيد وإفراد العبادة لله وحده، فلا معبود بحق إلا الله؛ وهو المستحق لجميع أنواع العبادة، وغيره إن عُبِد فإنما عُبِد بباطل، فما سوى الله من سائر المعبودات ليس بإله حق بل إنه باطل.

ولهذا لما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للكفار: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، تُفْلِحُوا» (٥) فهموا مراده من هذا الكلام. أما اليوم فبعض الناس يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ثم تجده يطوف حول القبور والأضرحة يدعوهم من دون الله. أما الكفار الذين بعث فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنهم عرفوا مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: {أَجَعَلَ


(١) الأسماء والصفات للبيهقي (٢٠٦)، وأخرجه ابن مردويه أيضًا كما في الدر المنثور (٤/ ٣٥٨).
(٢) انظر: صحيح مسلم (١٨١)، وانظر تفسير عبد الرزاق (١١٥٢)، ومصنف ابن أبي شيبة (٣٤٩٦٥)، والدارمي في الرد على الجهمية (١٩١) والسنة لعبد الله بن أحمد (١١٤٥)، وقال البخاري في تفسير هذه الآية من صحيحه: "وقال غيره [يقصد غير مجاهد]: النظر إلى وجهه " (٢/ ١٧٦).
(٣) ألاصَ عليها أي: أراده عليها، وراوده فيها.
(٤) إسناده صحيح. رواه أحمد (١/ ٦٣/ ٤٤٧) وابن حبان (٢٠٤) والحاكم (١/ ٣٥١) والزيادة له.
(٥) حديث صحيح. رواه البخاري في خلق أفعال العباد (١٩٣) وابن خزيمة (١٥٩) وابن حبان (٦٥٦٢) والحاكم (٢/ ٦١١ - ٦١٢) وصححه من حديث طارق بن عبد الله المحاربي -رضي الله عنه-. ورواه الإمام أحمد في المسند (٤/ ٣٤١) وابنه عَبْد الله بن أحمد في زوائده على المسند (٣/ ٤٩٢) من حديث ربيعة بن عباد الديلي -رضي الله عنه-. ورواه أحمد (٤/ ٦٣ و ٥/ ٣٧٦) عن شيخ من بني مالك ابن كنانة -رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوق ذي المجاز يتخللها يقول: فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>