للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوال إلى الغروب، والضحى: ما بين طلوع الشمس إلى الزوال، وهذا تحديد بنصف نهار" (١) فهم يستقِلُّون هذه المدة.

ويقول في آخر سورة الروم: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} سبحان الله: {كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥)} [الروم]

يقولون: ما لبثنا غير ساعة وزمن قصير جدًّا.

قال الله: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٥٦)} [الروم].

وهذا يدل على عظيم هول يوم القيامة، وأنَّ الناس يدهشون ويصبحون حيارى كالفراش المبثوث، كأنهم جراد منتشر، يقول قائلهم: إن لبثنا إلا يومًا أو بعض يوم، ويقول آخر: إنما هي عشية أو ضحاها، ويقول آخرون: ما لبثنا غير ساعة.

والدنيا لو تأملها الإنسان وتفكر فيها فإنها قصيرة لا تساوي شيئا عند ما أعد الله لعباده من النعيم في الآخرة؛ فإنها "ظِلٌّ زَائِلٌ وَحَالٌ حَائِلٌ، وَرُكْنٌ مَائِلٌ وَرَفِيقٌ خَاذِلٌ، وَمَسْئُولٌ بَاخِلٌ، وَغُولٌ غَائِلٌ، وَسُمٌّ قاتل، وكُلُّ وُعُودِهَا غُرُورٌ بَاطِلٌ" (٢)

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ؟» (٣)

السُّوَر التي صوَّرت يوم القيامة:

وقد أرشدنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى السور التي صورت موقف القيامة، فقال: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ فَلْيَقْرَأْ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ، وَإِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ» رواه الترمذي من حديث ابن عمر (٤).

وهذه السور الثلاث فيها ما يتعلق بتغير كل ما هو حولنا من شمس وقمر وسماء وأرض ونجوم.


(١) أضواء البيان (٨/ ٤٢٨).
(٢) من التبصرة لابن الجوزي (١/ ٢٧٨)
(٣) أخرجه مسلم (٢٨٥٨) من حديث مستور بن شدَّاد -رضي الله عنه-.
(٤) تقدم تخريجه في المجلس الرابع والعشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>