للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر السابع: القرآن ناسخ لجميع الكتب ومهيمن عليها:

الأمر السابع: أن القرآن الكريم هو خاتم الكتب المنزلة من عند الله وأعظمُها وأشرفُها وأهداها، وهو المهيمن عليها، والناسخُ لها ولشرائعها، والجامعُ لأصولها ومحاسنها، والباقي الخالد إلى قيام الساعة.

فالإيمان بالكتب السابقة هو الإقرار بها بالقلب واللسان، أما الإيمان بالقرآن فيتضمن الإقرار مع الاتباع، والله قد ذكر التوراة والإنجيل في سورة المائدة ثم قال بعد ذلك: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٨]، فذكر أن القرآن مهيمنٌ أي: هو الناسخ لجميع الكتب السابقة. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: قَوْلُهُ: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} قَالَ: " الْمُهَيْمِنُ: الْأَمِينُ، قَالَ: الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ» (١)

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَمَا وَافَقَهُ مِنْهَا فَهُوَ حَقٌّ، وَمَا خَالَفَهُ مِنْهَا فَهُوَ بَاطِلٌ» (٢)

وقال الحافظ: «وَتَوْجِيهُ كَلَام ابن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ الْقُرْآنَ تَضَمَّنَ تَصْدِيقَ جَمِيعِ مَا أُنْزِلَ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي فِيهِ إِمَّا مُقَرِّرَةٌ لِمَا سَبَقَ وَإِمَّا نَاسِخَةٌ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي إِثْبَاتَ الْمَنْسُوخِ وَإِمَّا مُجَدِّدَةٌ وَكُلُّ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى تَفْضِيلِ الْمُجَدِّدِ» (٣)

وقال ربنا سبحانه: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)} [فاطر]

قال الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله-: يقول تعالى ذكره: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} يا محمد وهو هذا القرآن الذي أنزله الله عليه {هُوَ الْحَقُّ} يقول: هو الحق


(١) أخرجه الطبري في تفسيره ط هجر (٨/ ٤٨٨)، وعلقه البخاري في الصحيح في تفسير سورة المائدة.
(٢) «تفسير ابن كثير - ت السلامة» (٣/ ١٢٨).
(٣) «فتح الباري» (٩/ ٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>