للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَحَابٌ؟ قالوا: لا يا رسول الله (١)؟ -قال: فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ قالوا: لا. قال: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ (٢)، يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ … » الحديث (٣)

فأفادنا هذا الحديث: أن مما يقع من الأمور العظيمة في عرصات القيامة: أنَّ أهل الإيمان يرون ربهم -جل وعلا- قبل أن يجوزوا الصراط.

[يوم يكشف عن ساق]

ويكون ذلك على الصفة والعلامة التي بينهم وبين ربهم -جل وعلا- وهي أن {يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: ٤٢] كما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أَنَّ نَاسًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «نَعَمْ» قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْوًا لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ؟ وَهَلْ تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟». قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «مَا تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ اللَّهِ -تبارك وتعالى- يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ في رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ في النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيُدْعَى الْيَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟


(١) يعني أخبروني عن القمر إذا كان بدرًا وليس دونه سحاب هل هناك مرية وشك في رؤيته.
(٢) -يعني سترون ربكم رؤيةَ حقٍّ وسيكون ذلك يوم القيامة -نسأل الله أن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه-، وهذه الرؤية قبل دخول الجنة، وهم ما زالوا في عرصات القيامة، كما في تمام الحديث.
(٣) أخرجه البخاري (٨٠٦)، ومسلم (١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>