للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلق الذهبي -رحمه الله- على قول أبي المعالي فقال: أصاب أبو المعالي، هكذا هو، ولو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهبا يجتهد فيه، لكان قادرا على ذلك، لسعة علومه، ومعرفته بالاختلاف، ولهذا تراه يلوح بنصر مسائل مما صح فيها الحديث ا. هـ (١)

وقال أبو الحسن عبد الغافر الفارسي -رحمه الله-: كان على سيرة العُلماء، قانِعًا من الدُّنيا باليسير، مُتَجَمِّلًا في زُهْدِهِ وورعه. عاد إلى النّاحية في آخر عُمْرِه، وكانت وفاته بها. وقد فاتني السَّماع منه لغيبة الوالد، ولانتقال الشّيخ آخر عمره إلى النّاحية. وقد أجاز لي (٢).

ونقل ابن عبد الهادي عن عبد الغافر أنه قال في "ذيل تاريخ نَيسَابور": أبو بكر البَيْهَقي الحافظ الأُصولي، الدَّيِّن الوَرع، واحد زمانه في الحِفْظ، وفَرْد أقرانه في الإِتقان والضَّبْط، من كبار أصحاب الحاكم، ويزيد عليه بأنواع من العلوم، كتب الحديث، وحَفِظَه مِنْ صباه، وتفقَّه وبَرَعَ، وأخذ في الأصول، وارتحل إلى العراق والجبال والحجاز، ثم صنَّف، وتواليفه تقارب ألف جُزْء مما لم يسبقْه إليه أحد، جمع بين عِلْم الحديث والفِقْه وبيان علل الحديث، ووَجْه الجَمْع بين الأحاديث، طلب منه الأئمة الانتقال من النَّاحية إلى نَيسابور لسماع الكتب، فأتى في سنة إحدى وأربعين، وعقدوا له المجلس لسماع كتاب "المعرفة" وحضره الأئمة، وكان على سيرة العُلَماء، قانعًا باليسير، متجملًا في زُهْده وورعه.

قال ابن عبد الهادي -رحمه الله-: مات البَيْهَقِي بنَيسَابور في عاشر جُمَادى الأُولى من سنة ثمانٍ وخمسين وأربع مئة، ونُقِل في تابوت فدفن ببَيْهَق، وهي ناحية من أعمال نَيسَابور على يومين منها. وخُسْرَوْجِرْد: هي أم تلك النَّاحية. (٣)

[من مؤلفات الإمام البيهقي]

تقدم قول تلميذه بالإجازة أبي الحسن عبد الغافر الفارسي: … وتواليفه تقارب ألف


(١) سير أعلام النبلاء ـ تح الأرناؤوط (١٨/ ١٦٩)
(٢) تاريخ الإسلام ت بشار (١٠/ ٩٦)
(٣) طبقات علماء الحديث (٣/ ٣٣١) لابن عبد الهادي

<<  <  ج: ص:  >  >>