للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَكِيمٌ (٢٦٠)} [البقرة]. أَخَذَ أربعة من الطير، وقطَّعها ثم أحياها الله ورآها إبراهيمُ -عليها السلام- فهذا مثلٌ حيٌّ شاهده الناس، وعرفته الأمم، وتناقلته الملل أن إبراهيم -عليها السلام- طلب من ربه ذلك، وأن الله -عز وجل- أراه إحياء هذه الطيور بعد أن قُطِّعَتْ أجزاءً.

[المثال الثاني]

قال البيهقي: "وبما أخبر به عن: {الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} ". وذلك في قول الله في سورة البقرة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: ٢٤٣] أناس فرُّوا من ديارهم وهم ألوف خشيةَ الموت، فأماتهم الله ثم أَمَرَ بإحيائهم، فأحياهم وهذا مما يعرفه بنو إسرائيل.

[المثال الثالث]

ثم قال البيهقي: "وَبِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ الَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ، وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا" (١).

يعني بذلك قولَ الله: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: ٢٥٩]. رآها خاويةً على عروشها، فتعجب كيف يكون إحياء الله لها بعد موتها؟! قال الله: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩)} [البقرة].

ويقول بعض أهل التفسير: إن هذا هو عزير -عليها السلام-، (٢) وأن الله سبحانه أماته مائة عام ثم أحياه، فرجع إلى أهله وأبنائه وهو على عمره السابق، فرأوه حيًّا بعد أن كان ميتًا.


(١) شعب الإيمان (١/ ٤١٠).
(٢) نقله الطبري في التفسير (٤/ ٥٧٨) عن جماعة منهم: ناجية بن كعب وسليمان بن بريدة وقتادة والربيع بن أنس وعكرمة والسدي والضحاك ونقل عن غيرهم أنه إِرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَّا وروى عن ابْن إِسْحَاقَ أَنَّ إِرْمِيَا هُوَ الْخَضِرُ. وقال الطبري: وَلَا بَيَانَ عِنْدَنَا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يَصِحُّ مِنْ قِبَلِهِ الْبَيَانُ عَلَى اسْمِ قَائِلِ ذَلِكَ، … وَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى مَعْرِفَةِ اسْمِهِ، إِذْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ بِالْآيَةِ تَعْرِيفَ الْخَلْقِ اسْمَ قَائِلِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهَا تَعْرِيفُ الْمُنْكِرِينَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى إِحْيَائِهِ خَلْقَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ، وَإِعَادَتِهِمْ بَعْدَ فَنَائِهِمْ … إلخ. وكلام الإمام الطبري يكتب بماء الذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>