للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأنبياء]، فَقَدْ عُبِدَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْمَلَائِكَةُ وَعُزَيْرٌ وَعِيسَى صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، أَوَكُلُّ هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ مَعَ آلِهَتِنَا؟، فَأَنْزَلَ اللهُ -عز وجل-: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)} [الأنبياء: ١٠١] وَنَزَلَتْ: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧)} [الزخرف: ٥٧] (١)

قال الحافظ عماد الدين إسماعيل ابن كثير -رحمه الله-:

وَهَذَا الجدل الذى سلكوه بَاطِل. وهم يعلمُونَ ذَلِك، لأنهم قوم عرب، وَمن لغتهم أَنْ " مَا " لما لَا يعقل، فَقَوله {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)} إِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُ مِنَ الْأَحْجَارِ الَّتِي كَانَتْ صُوَرَ أَصْنَامٍ، وَلَا يَتَنَاوَلُ ذَلِك الْمَلَائِكَة الَّذين زَعَمُوا أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَهُمْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، وَلَا الْمَسِيح، وَلَا عَزِيزًا، وَلَا أَحَدًا مِنَ الصَّالِحِينَ، لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى. فَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنْ مَا ضربوه بِعِيسَى بن مَرْيَمَ مِنَ الْمَثَلِ جَدَلٌ بَاطِلٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨)} [الزخرف] ا. هـ (٢)

[مقالة اليهود والنصارى في ادعائهم لله ولدا]

وفي حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- وغيره بيانٌ عظيم بأن هناك فرقًا كبيرًا بين أهل الإيمان من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- وبين اليهود والنصارى عبدة الأوثان؛ فإنهم عبدوا غير الله وادَّعَوا أن الله اتخذ صاحبة أو ولدًا. وبعضُ الناس في هذه الأيام يريد أن يُميِّع الأمر، ويقول: ليس بيننا وبين اليهود والنصارى فرق البتة، فهم أهل دين ونحن أهل دين وهم أصحاب كتاب ونحن أصحاب كتاب ونحن من أبناء الديانات السماوية. وكلها أقاويل باطلة. وقد راجت على بعض الناس في الدنيا لكنها لا تروج يوم القيامة. فانظروا حين ينادي منادٍ


(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٩٨٨) وحسنه شيخنا الوادعي في الصحيح المسند من أسباب النزول (١٣٧). ورواه الحاكم (٣٤٤٩) من طريق يزيد النحوي عن عكرمة به وصححه. وفي سنده محمد بن موسى بن حاتم وهو ضعيف كما في لسان الميزان (٧/ ٥٤٠)
(٢) السيرة النبوية لابن كثير (٢/ ٥٣ - ٥٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>