للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الحديث أيضا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ، أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي، فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ» (١).

نسأل الله السلامة والعافية.

[النار دركات]

والنار دَرَكَاتٌ كما أن الجنة دَرَجاتٌ، قال الله سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥]. والدَّرَك: الْمنزلَة، وَهِيَ مَنَازِلُ أَهْلِ النَّارِ وَقِيلَ: دَرَجَةٌ فِي النَّارِ، وَقِيلَ: أَسْفَلُ النَّارِ. (٢) قال ابن قتيبة -رحمه الله-: «فإن النار دركات، والجنة درجات، وعلى قدر الذنوب والحسنات تقع العقوبات والمثوبات، فمن أهل النار من طعامه الزّقّوم، ومنهم من طعامه غسلين، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم من شرابه الصّديد» ا. هـ. (٣)

وقال القرطبي -رحمه الله-: «فالنار دركات سبعة أي طبقات ومنازل، وإنما قال: أدراك ولم يقل درجات لاستعمال العرب لكل ما تسافل درك، ولما تعالى درج، فيقول للجنة درج وللنار درك ا. هـ (٤)

ويجوز تسمية الكل درجات كما في قول الله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام: ١٣٢، الأحقاف: ١٩] أي وَلِكُلٍّ من الجنسين المذكورين دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا أي منازل ومراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر، ومن أجل ما عملوا منهما.

قال بعض المفسرين: يجوز أن يقال ذلك على وجه التغليب، لاشتمال كل على الفريقين ا. هـ (٥)


(١) أخرجه البخاري (٣٣٣٤)، ومسلم (٢٨٠٥) كلاهما من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
(٢) انظر: جمهرة اللغة (٢/ ٦٣٧) لابن دريد، وإعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية (ص ٨٧) ومقاييس اللغة لابن فارس (٢/ ٢٦٩).
(٣) تأويل مشكل القرآن (ص ٤٨).
(٤) التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة (ص ٨٣٨)
(٥) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٤/ ٣٠٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>