للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَلَوْ أَنْ تَأْتِيَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي» (١)

وفي مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ -رضي الله عنه- عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ (٢) قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، … فذكر الحديث وفيه: قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَعْرُوفِ؟ فَقَالَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ صِلَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ أَنْ تُعْطِيَ شِسْعَ النَّعْلِ، وَلَوْ أَنْ تَنْزِعَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُنَحِّيَ الشَّيْءَ مِنْ طَرِيقِ النَّاسِ يُؤْذِيهِمْ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ، وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْطَلِقٌ، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنْ تُؤْنِسَ الْوَحْشَانَ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ سَبَّكَ رَجُلٌ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ فِيكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ فِيهِ نَحْوَهُ، فَلَا تَسُبَّهُ فَيَكُونَ أَجْرُهُ لَكَ وَوِزْرُهُ عَلَيْهِ، وَمَا سَرَّ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاعْمَلْ بِهِ، وَمَا سَاءَ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاجْتَنِبْهُ» (٣)

[تواجد النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الميزان يوم القيامة]

وحين تُنْصَبُ الموازين يوم القيامة يصاب الناس بالهلع وبالخوف وبالفزع بسبب ما يشاهدونه من الكَرْبِ ومن عظيم الحزن ومن عظيم الأهوال في ذلك اليوم العظيم،

قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: سَأَلْتُ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: قَالَ: «أَنَا فَاعِلٌ» قَالَ: فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: «اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ» قَالَ: قُلْتُ: فَإِذَا لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ؟ قَالَ: «فَأَنَا عِنْدَ الْمِيزَانِ» قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ؟ قَالَ: «فَأَنَا عِنْدَ الْحَوْضِ، لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ مَوَاطِنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٤).

فهذه ثلاثة مواطن بيَّنَ لنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنه سيكون عندها، فإما أن يكون عند الميزان أو عند الصراط أو عند الحوض صلواتُ ربي وسلامه عليه. وهذا يدل على أنَّ


(١) رواه الخرائطي مكارم الأخلاق (١١٨) والبيهقي في الآداب (٢٢٢) والسنن الكبرى (٧٨٢٤) وشعب الإيمان (٣١٠٤، ٧٦٨٨)
(٢) قال الحافظ ابن أبي حاتم في العلل (٢/ ٣٢٥): قُلتُ لأَبِي: يُسَمَّى هَذا الرَّجُلُ مِنْ قَومِهِ؟ قالَ: نَعَم، سَمّاهُ عَبدُ الوارِثِ، عَنِ الجُرَيرِيِّ. ثم ذكر إسناده وفيه، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ جابِرِ بنِ سُلَيمٍ -رضي الله عنه-.
(٣) رواه الإمام أحمد (١٥٩٥٥) وأبو عبيد في الخطب والمواعظ (١٥) والبغوي في معجم الصحابة (٣١٤) وابن أبي حاتم في العلل (٣٤٩٤)
(٤) أخرجه أحمد (١٢٨٢٥)، والترمذي (٢٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>