للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديثٍ لأبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: له بعض أصحابه: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا. قال: «إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا» أخرجه الإمام أحمد والترمذي (١).

وقد أجمع العلماء وأجمعت الأمة على أن الأنبياء والمرسلين معصومون في تبليغهم عن ربِّ العالمين -جل وعلا-. (٢)

[الأنبياء معصومون من الكفر والوقوع في الشرك]

كذلك الأنبياء معصومون من الكفر والوقوع في الشرك بالله -جل وعلا- وهم معصومون من ذلك قبل بعثتهم وإرسالهم، وبعد بعثتهم وإرسالهم. وقد جاءت نصوص كثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تدل على ذلك، وأجمع العلماء على عصمتهم من الشرك والكفر قبل النبوة وبعدها.

يقول الجرجاني -رحمه الله-: وأما الكفر فأجمعت الأمة على عصمتهم منه قبل النبوة وبعدها ولا خلاف لأحد منهم في ذلك (٣).

ولهذا كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة يتعبد الله -جل وعلا-: فما سَجَدَ لصنم قطُّ، ولا حلف بآلهتهم قطُّ، ولا دعا من دون الله -جل وعلا- أحدًا قطُّ، بل كان حنيفيًّا مؤمنًا صلوات الله وسلامه عليه.


(١) رواه أحمد (٨٤٨١)، والترمذي (١٩٩٠).
(٢) قال شيخ الإسلام في «منهاج السنة النبوية» (٣/ ٣٧٢) ردا على الرافضي: مَا ذَكَرْتَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ مِنْ نَفْيِ الْعِصْمَةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَتَجْوِيزِ الْكَذِبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْأَمْرِ بِالْخَطَأِ عَلَيْهِمْ فَهَذَا كَذِبٌ عَلَى الْجُمْهُورِ؛ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ خَطَأٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَكُلُّ مَا يُبَلِّغُونَهُ عَنِ اللَّهِ -عز وجل- مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ يَجِبُ طَاعَتُهُ فِيهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَخْبَرُوا بِهِ وَجَبَ تَصْدِيقُهُمْ فِيهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَمَرُوهُمْ بِهِ وَنَهَوْهُمْ عَنْهُ وَجَبَتْ طَاعَتُهُمْ فِيهِ عِنْدَ جَمِيعِ فِرَقِ الْأُمَّةِ، إِلَّا عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَعْصُومٌ فِيمَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللَّهِ لَا فِيمَا يَأْمُرُ هُوَ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ. وَهَؤُلَاءِ ضُلَّالٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ا. هـ وانظر: «الموسوعة العقدية - الدرر السنية» (٤/ ٣٢ بترقيم الشاملة) و «المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع لمجموعة مؤلفين (ص: ٧٧٧).
(٣) شرح المواقف، دار الجيل (٣/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>