للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا» (١)

قَالَ الْقَاضِي عياض -رحمه الله-: وذلك - والله أعلم - لتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ عَلى دعاءِ بني آدمَ، وَاسْتِغْفَارِهِمْ له فرحًا ببركة ذلك، وحسن عون الملك به، إذا دعا بحضرته بالتأمين والاستغفار له، وإشهاده له بالتضرع إلى الله والإخلاص ا. هـ (٢)

وقال القرطبي -رحمه الله-: وكأنه إنما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء عند صراخ الديكة لتؤمن الملائكة على ذلك الدعاء، فتتوافق الدعوتان، فيستجاب للداعي، والله أعلم ا. هـ (٣)

سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- الله تعالى أن تصلي الملائكة على من أطعمه:

روى البزار من طريق جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثابتٍ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَزُورُ الأَنْصَارَ، فَإِذَا جَاءَ إلَى دُورِ الْأَنْصَارِ جَاءَ صِبْيَانُ [الْأَنْصَارِ] [فَـ] [يَدُورُونَ] حوله فَيَدْعُو لَهُمْ وَيَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فَأَتَى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بَابَ سَعْد [بْنِ عُبَادَةَ] فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ [وَبَرَكَاتُهُ]» فَرَدَّ سَعْدٌ فَلَمْ يَسْمَعِ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-[رَدَّهُ] حَتَّى سَلَّمَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَكان النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلاثِ تَسْلِيمَاتٍ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا انْصَرَفَ فَرَجَعَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَ سَعْدٌ مُتَبَادِرًا فَقَالَ: يا رسول اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا سَلَّمْتَ تَسْلِيمَةً إلاَّ قَدْ سَمِعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا عَلَيْكَ، وَلكن أَرَدْتُ أَنْ تُكْثِرَ عَلَيْنَا مِنَ السَّلامِ وَالرَّحْمَةِ [فَـ]ـادْخُلْ يا رسول اللَّهِ فَدَخَلَ، فَجَلَسَ [فَتَحَدَّثْنَا] فَقَرَّبَ إِلَيْهِ سَعْدٌ طَعَامًا فَأَصَابَ مِنْهُ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا أَرَادَ [النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَنْصَرِفَ قَالَ: «أَكَلَ طَعَامُكُمُ الأَبْرَارُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلائِكَةُ» (٤).


(١) صحيح البخاري (٣٣٠٣) وصحيح مسلم (٢٧٢٩). ومن لطائف هذا الحديث أنه قد أخرجه الأئمة الخمسة عن شيخ واحد، وهو قتيبة بن سعيد، فالبخاري أخرجه في "بدء الخلق" ومسلم هنا في "الدعوات"، وأبو داود في "الأدب"، والتِّرمذيُّ في "الدعوات"، والنسائيّ في "التفسير"، وفي "عمل اليوم والليلة"، فكلّهم عن قتيبة، عن الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأخرجه عن قتيبة أيضا: ابن أبي شيبة في مصنف (٦/ ١٠١) رقم (٢٩٨٠٥)
(٢) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٨/ ٢٢٤)، وانظر: شرح النووي على مسلم (١٧/ ٤٧)
(٣) وقال المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٧/ ٥٨)
(٤) أخرجه البزار في مسنده (٦٨٧٢) قال حدثنا محمد بن عبد الملك -وهو ابن أبي الشوارب- حدثنا جعفر به. وسنده حسن. ورواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (١٥٧٧) قال: حَدَّثَنَا محمد بن خزيمة، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عبد الملك به. وله الزيادات إلا الثانية والسادسة والثامنة. وهي مع الزيادة الرابعة للبيهقي في الآداب (٤٧٠) ومع الزيادة الخامسة في الدعوات الكبير (٥١١) رواه بسنده عن محمد بن إسحاق الصاغاني قال حدثنا محمد بن عبد الملك به. ورواه في السنن الكبرى (١٤٦٧٤) ولم يسق لفظه. والحديث رواه أبو داود (٣٨٥٤) وأحمد (١٢٤٠٦) وغيرهما عن معمر عن ثابت عن أنس -رضي الله عنه- به. مطولا ومختصرا، وقال معمر: عن أنس أو غيره. وهذا سند ضعيف. فإن في رواية معمر عن ثابت مقالا. قال الحافظ -كما في نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار ط ابن كثير (٥/ ٢٠٤) -: لأن معمراً وإن احتج به الشيخان فروايته عن ثابت بخصوصه مقدوح فيها. قال علي بن المديني: في رواية معمر عن ثابت غرائب منكرة. وقال يحيى بن معين: أحاديث معمر عن ثابت لا تساوي شيئاً. وساق العقيلي في الضعفاء عدة أحاديث من رواية معمر عن ثابت منها هذا الحديث، وقال: كل هذه الأحاديث لا يتابع عليها، وليست بمحفوظة، وكلها مقلوبة. وليس عند البخاري من رواية معمر عن ثابت سوى موضع واحد متابعة، وأورده مع ذلك معلقاً، وله عند مسلم حديثان أو ثلاثة كلها متابعة. وفي هذا السند مع ذلك علة أخرى، وهي التردد بين أنس وغيره عند الإمام أحمد، لاحتمال أن يكون الغير غير صحابي ا. هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>