للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيأتي. ثم يقول -جل وعلا-: {وَحَشَرْنَاهُمْ} يعني جميعا {فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} فلا يتخلف أحدٌ عن أرض المحشر.

وقال -جل وعلا-: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (٩٩)} [الكهف: ٩٩] فيأتي الحشر بعد النفخُ في الصور.

ويقول سبحانه: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: ٥٣] أي: فإذا هم مجتمعون لدينا قد أُحضِرُوا فأُشهِدوا موقفَ العرض والحساب، ولم يتخلَّف عنه منهم أحدٌ.

ويقول ربُّنا: {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)} [الملك: ٢٤]

[أهمية التذكير بالحشر]

قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)} [البقرة: ٢٠٣].

قال الطبري: "فمجازيكم هو بأعمالكم، المحسنُ منكم بإحسانه والمسيءُ بإساءته، ومُوَفٍّ كلَّ نفس منكم ما عملت وأنتم لا تظلمون" (١).

وقال ابن عاشور -رحمه الله-: الْأَمْرُ فِي اعْلَمُوا لِلتَّذْكِيرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ ا. هـ (٢)

وقال أيضاً: لَمَّا أُرِيدَ تَحْقِيقُ الْخَبَرِ افْتُتِحَ بِالْأَمْرِ بِالْعِلْمِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَحْقِيقِ الْخَبَرِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَشُكُّوا فِي ذَلِكَ، فَأَفَادَ مُفَادَ إِنَّ ا. هـ (٣)

وقال: افْتِتَاحُ الْكَلَامِ بِكَلِمَةِ اعْلَمْ إِيذَانٌ بِالِاهْتِمَامِ بِمَا سَيَقُولُهُ، فَإِنَّ قَوْلَكَ فِي الْخِطَابِ: اعْلَمْ إِنْبَاءٌ بِأَهَمِّيَّةِ مَا سَيُلْقَى لِلْمُخَاطَبِ ا. هـ (٤)

وقال: مِنْ أَسَالِيبِ الْكَلَامِ الْبَلِيغِ أَنْ يُفْتَتَحَ بَعْضُ الْجُمَلِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى خَبَرٍ أَوْ طلب فهم بِاعْلَم أَوْ تَعَلَّمْ لَفْتًا لِذِهْنِ الْمُخَاطَبِ. وَفِيهِ تَعْرِيضٌ غَالِبًا بِغَفْلَةِ الْمُخَاطَبِ عَنْ أَمْرٍ مُهِمٍّ فَمِنَ الْمَعْرُوفِ أَنَّ الْمُخْبِرَ أَوِ الطَّالِبَ مَا يُرِيدُ إِلَّا عِلْمَ الْمُخَاطَبِ فَالتَّصْرِيحُ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ مَقْصُودٌ لِلِاهْتِمَامِ، … وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيءَ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِأَبِي مَسْعُودٍ


(١) تفسير الطبري (٣/ ٥٧١).
(٢) التحرير والتنوير (٢/ ٢٦٤)
(٣) المرجع السابق (٢/ ٢٣٠)
(٤) المرجع السابق (٢/ ٢١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>