للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفقراء أكثر أهل الجنة]

كما في صحيح البخاري عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ» (١)

وفي صحيح مسلم عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: قَالَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-: «اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ» (٢)

[الفقراء من المؤمنين يسبقون الأغنياء في دخول الجنة]

وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن فقراء المؤمنين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بنصف يوم.

فقد جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» (٣).

وفي صحيح مسلم عنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ: «إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ، بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا» (٤)

قال شمس الدين ابن القيم -رحمه الله-: والَّذي في الصحيح أنَّ سبقهم لهم «بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا».

فإمَّا أنْ يكون هو المحفوظ، وإمَّا أنْ يكون كلاهما محفوظان، وتختلف مُدَّة السبق بحسب أحوال الفقراء والأغنياء، فمنهم من يسبق بأربعين، ومنهم من يسبق بخمسمائة كما يتأخر مكث العُصاة من الموحدين في النَّار بحسب جرائمهم واللَّهُ أعلم.

قال: ولكن ها هنا أمرٌ يجب التنبيه عليه، وهو أنَّه لا يلزم من سبقهم لهم في الدخول ارتفاع منازلهم عليهم، بل قد يكون المتأخر أعلى منزلة؛ وإن سَبَقَهُ غيره في الدخول، والدليل على هذا أنَّ من الأمة من يدخل الجنَّة بغير حساب، وهم السَّبعون ألفًا، وقد يكون بعض من يُحَاسب أفضل من أكثرهم، والغني إذا حوسب على غِنَاهُ، فوجد قد شكر اللَّه تعالى فيه، وتقرَّب إليه بأنواع البِرِّ والخير والصَّدقة والمعروف، كان أعلى درجة


(١) صحيح البخاري (٣٢٤١)
(٢) صحيح مسلم (٢٧٣٧)
(٣) أخرجه الترمذي (٢٣٥٣) وابن ماجه (٤١٢٢) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) صحيح مسلم (٢٩٧٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>