للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخُورُ، فَلَمَّا الْتَزَمَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، سَكَتَ ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ أَلْتَزِمْهُ لَمْ يَزَلْ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» تَحَزُّنًا عَلَى رَسُولِ اللهِ، فَأَمَرَ بِهِ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَدُفِنَ. (١)

ولابن ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ -رضي الله عنهما-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ ذَهَبَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ فَقَالَ: «لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (٢)

وروى ابن المبارك عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى خَشَبَةٍ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ، قَالَ: «ابْنُوا لِي مِنْبَرًا»، فَبَنَوْا لَهُ مِنْبَرًا [لَهُ عَتَبَتَانِ]، إِنَّمَا كَانَ عُسْرٌ فَتَحَوَّلَ مِنَ الْخَشَبَةِ إِلَى الْمِنْبَرِ، قَالَ: [فَلَمَّا قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ] فَحَنَّتْ وَاللَّهِ الْخَشَبَةُ [إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَنِينَ الْوَالِدِ [وفي رواية: الوَالِهِ]. قَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: وَأَنَا وَاللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ أَسْمَعُ ذَلِكَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ تَحِنُّ حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْمِنْبَرِ، فَمَشَى إِلَيْهَا فَاحْتَضَنَهَا فَسَكَتَتْ [وفي رواية: فَسَكَنَتْ] فِيهَا الْحَسْرَةُ. [قالَ: فَكَانَ الْحَسَنُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى] وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ [يَا عِبَادَ اللَّهِ]، الْخَشَبُ يَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-[شَوْقًا إِلَيْهِ لِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ -عز وجل- أَفَلَيْسَ الَّذِينَ يَرْجُونَ لِقَاءَهُ أَحَقَّ أَنْ يَشْتَاقُوا إِلَيْهِ؟ (٣).

ظهورُ صِدْقِه -صلى الله عليه وسلم- في مغيَّبات كثيرة أخبر عنها:

قال البيهقي -رحمه الله-: وَأَمَّا إِخْبَارُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْكَوَائِنِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ وَظُهُورِ صِدْقِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَهِيَ كَثِيرَةٌ وَهِيَ فِي كِتَابِ الدَّلَائِلِ مَنْقُولَةٌ:


(١) أخرجه الدارمي (٤٢) وابن خزيمة (١٧٧٦) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤١٧٩) وحسنه شيخنا الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (١١٠١)
(٢) سنن ابن ماجه (١٤١٥) ورواه الإمام أحمد (٢٤٠٠) وصححه شيخنا الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (٥٤٨)
(٣) مسند عبد الله بن المبارك (٤٨) ورواه الإمام أحمد (١٣٣٦٣) مختصرا، وابن خزيمة (١٧٧٦)، وعلي بن الجعد (٣٢١٩)، وأبو يعلى (٢٧٥٦) -وعنه ابن حبان (٦٥٠٧) - ومنهما الزيادات، وابن الأعرابي في المعجم (٢٢٥٧) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط (١٤٠٨، ٣٦٣١) بسند صحيح عن يزيد بن إبراهيم التستري قال: سمعت الحسن يقول: أخبرني أنس … فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>