للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

JIH

[حديث دعاء الاستخارة]

كذلك من الأدعية المباركة: التي علَّمنا إيَّاها النبي -صلى الله عليه وسلم- وله تعلق بهذا الباب العظيم دعاءُ الاستخارة، فيصلي الإنسان إذا أراد أمرًا أو هَمَّ بأمر فيصلي ركعتين من غير الفريضة ثم يرفع يديه فيقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ، وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ، وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي-أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ-فَاقْدُرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي-أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ-فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ. وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ». وهذا الحديث خرجه الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- (١).

وهو دعاء عظيم، فيه تثبيتٌ للعبد المؤمن، وبه يأنس القلب بالله. دعاءٌ كلُّه توحيد وافتقار وعبودية لله سبحانه. وفيه تمام التوكل على الله. وفيه تمام الرضا عن الله. فإن العبد يسأل من بيده الخيرُ كلُّه، فيقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ» أستخيرك يعني: أطلب منك يا الله أن تختار لي الخير من الأمور والأرشد والأحسن؛ لأن الله هو العليم، ولأنه هو القدير، ولأنه هو الذي يعلم ما لا نعلم، ويقدر على ما لا نقدر، وهو علَّام الغيوب فالعبد يتوسل إلى الله -جل وعلا- بهذا الدعاء المبارك وما ندم من استخار ربه بعلمه المحيط بكل شيء واسْتَقْدَرَهُ بقدرته الكاملة على كل شيء وسأله -سبحانه- من فضله العظيم. فإنه -كما قال الحكماء


(١) البخاري (٦٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>