للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التأمل في الكون الفسيح]

قال ابن كثير -رحمه الله-: "وقال آخرون: من تأمل هذه السماوات في ارتفاعها، واتساعها، وما فيها من الكواكب الكبار والصغار المنيرة من السيارة ومن الثوابت، وشاهدها كيف تدور مع الفلك العظيم في كل يوم وليلة دويرة، ولها في أنفسها سير يخُصُّها، ونظر إلى البحار الملتفَّة للأرض من كل جانب، والجبال الموضوعة في الأرض لتَقَرَّ، ويسكن ساكنوها مع اختلاف أشكالها وألوانها كما قال تعالى: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٧ - ٢٨] وكذلك هذه الأنهار السارحة من قطر إلى قطر لمنافع العباد، وما ذرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة، والنبات المختلف الطعوم والأراييح والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء، عَلِمَ وجود الصانع، وقدرتَه العظيمة، وحكمتَه، ورحمتَه، بخلقه ولطفَه بهم، وإحسانَه إليهم، وبِرَّه بهم، لا إله غيره ولا رب سواه، عليه توكلت وإليه أنيب" (١).

[التفكر والتأمل في الآيات الكونية والشرعية]

والقرآن يدعونا إلى التفكر والتأمل في آيات الله الكونية والشرعية.

الآيات الكونية المشاهدة من خلق السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر. كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٨٥] وقال تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)} [الغاشية]

والآيات الشرعية وهي تأمل وتدبر الكتاب العزيز الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصلت] كما قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} [محمد]، وهذا التفكر يزيد الإيمان ويقوي اليقين في القلب.


(١) تفسير ابن كثير (١/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>