للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَنِ الْحَسَنِ -رحمه الله- قال: مَلَكٌ يُثْنِي رَقَبَةَ ابْنِ آدَمَ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْخَلاءِ لَيَنْظُرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ (١). قال الماوردي -رحمه الله-: ويحتمل إغراؤه بالنظر إلى وجهين: أحدهما: ليعلم أنه محل الأقذار فلا يطغى. الثاني: ليستدل على استحالة الأجسام فلا ينسى ا. هـ (٢)

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ -رحمه الله- قَالَ: كَانَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ كَثِيرًا مَا يَقُولُ: انْطَلِقُوا حَتَّى أُرِيَكُمُ الدُّنْيَا. قَالَ: فَيَجِيءُ بِهِمْ إِلَى السُّوقِ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَزْبَلَةٌ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى دَجَاجِهِمْ، وَبَطِّهِمْ، وَثِمَارِهِمْ. (٣)

وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ مَطْعَمَ ابْنِ آدَمَ جُعِلَ مَثَلًا لِلدُّنْيَا، وَإِنْ قَزَّحَهُ، وَمَلَّحَهُ فَانْظُرُوا إِلَى مَا يَصِيرُ» (٤)

قال المنذري -رحمه الله-: قوله: (قَزَّحه) بتشديد الزاي أي: وضع فيه (القِزْح)، وهو التابل. و (مَلَحه) بتخفيف اللام، معروف ا. هـ (٥)

وقال القرطبي -رحمه الله-: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤)}: أَيْ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ طَعَامَهُ. وَهَذَا النَّظَرُ نَظَرُ الْقَلْبِ بِالْفِكْرِ، أَيْ لِيَتَدَبَّرْ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ طَعَامَهُ الَّذِي هُوَ قِوَامُ حَيَاتِهِ، وَكَيْفَ هَيَّأَ لَهُ أَسْبَابَ الْمَعَاشِ، لِيَسْتَعِدَّ بِهَا لِلْمَعَادِ. ا. هـ (٦)

وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: فِيهِ امْتِنَانٌ، وَفِيهِ اسْتِدْلَالٌ بِإِحْيَاءِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ الْهَامِدَةِ عَلَى إِحْيَاءِ الْأَجْسَامِ بَعْدَمَا كَانَتْ عَظَاما بَالِيَةً وَتُرَابًا مُتَمَزِّقًا ا. هـ (٧)

فيا سبحان الله! يدعو ربنا -جل وعلا- الناسَ في كتابه إلى النظر وإلى التأمل والتفكر؛ وذلك يقود كلَّ من تأمل وكل من شكَّ وألحد إلى وجود الله سبحانه.


(١) رواه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (٨/ ٤٢٠)
(٢) انظر: تفسير الماوردي = النكت والعيون (٦/ ٢٠٧)
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في الزهد رقم (١٥٢) وفي قصر الأمل (٢٩٩) وفي ذم الدنيا (٦٢) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (١٠/ ٣٢٤)
(٤) أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (٢١٢٣٩) وصححه ابن حبان (٧٠٢). وهو في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (٢٦٥٧) لشيخنا العلامة الوادعي وقال: هذا حديث حسن ا. هـ وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة (٣٨٢).
(٥) انظر: صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ٥٠٦) رقم (٢١٥٠).
(٦) تفسير القرطبي (٢٢/ ٨٢).
(٧) تفسير ابن كثير ت سلامة (٨/ ٣٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>