للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣)} [الحديد]. قال أهل التفسير: هو حائط بين الجنة والنار يُحجَز فيه بين أهل النفاق وبين أهل الإيمان (١).

فوالله إن هذا لأمر عظيم يجعل القلب يرجف خوفًا على نفسه من النفاق.

-نسأل الله السلامة والعافية-

[خوف المؤمن من النفاق]

وقد كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعون لهم بإحسان أشدَّ ما يكونون خوفًا من النفاق ومن الوقوع فيه.

قال البخاري -رحمه الله- في صحيحه: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا» (٢)، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: «أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ» (٣). وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ: «مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ» (٤) ا. هـ (٥).

فهؤلاء في هذا الموقف ينادون أهل الإيمان: أما كنا معكم في الدار الدنيا؟!


(١) تفسير الطبري (٢٢/ ٤٠٣).
(٢) وصله: ابن سعد في «الطبقات الكبرى ط دار صادر» (٦/ ٢٨٥)، وابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ١٦٠) رقم (٣٤٩٧٠)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (١/ ٣٥٣ ت المعلمي)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (١٠٤، ٥٧٦)، وعبد الله بن أحمد في زوائد «الزهد» (٢٠٧١) وغيرهم.
(٣) وصله البخاري في «التاريخ الكبير» (٥/ ١٣٧ ت المعلمي) والخلال في «السنة» (١٠٨١) من طريق يَحيى بن اليَمانِ، عنْ سُفيانَ، عنِ ابنِ جُريجٍ، عنِ ابنِ أَبي مُليْكَةَ به.
(٤) وصله المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (٦٨٧) والفريابي في «صفة النفاق وذم المنافقين» (٨١)، من طريق جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَحْلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: «مَا مَضَى مُؤْمِنٌ قَطُّ وَلَا بَقَى إِلَّا وَهُوَ مِنَ النِّفَاقِ مُشْفِقٌ، وَلَا مَضَى مُنَافِقٌ قَطُّ وَلَا بَقَى إِلَّا وَهُوَ مِنَ النِّفَاقِ آمِنٌ» ورواه الفريابي أيضا (٨٢) والخلال في «السنة» (١٦٥٣) -واللفظ له-، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (١٠٥٨): من طريق مُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «وَاللَّهِ، مَا أَصْبَحَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ وَلَا أَمْسَى عَلَى وَجْهِهَا مُؤْمِنٌ، إِلَّا وَهُوَ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَا أَمِنَ النِّفَاقَ إِلَّا مُنَافِقٌ» ورواه البيهقي في الشعب (٨٣٣) من طريق مؤمل عن حماد بن زيد عن المعلى، ورواه الخلال أيضا (١٦٥٦) من طريق هِشَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: «وَاللَّهِ مَا مَضَى مُؤْمِنٌ وَلَا تَقِيٌّ إِلَّا يَخَافُ النِّفَاقَ، وَمَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ»
(٥) «صحيح البخاري» (١/ ١٨ ط السلطانية)

<<  <  ج: ص:  >  >>