للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلَانٍ، فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلَانٍ فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ» (١).

وهذا المقتول يأتي يوم القيامة ورأسُه بين يديه ينادي ربَّه: «يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟». كما في جامع الترمذي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يَجِيءُ المَقْتُولُ بِالقَاتِلِ يَوْمَ القِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا، يَقُولُ: يَا رَبِّ، قَتَلَنِي هَذَا، [وفي رواية: يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟] حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنَ العَرْشِ». قَالَ: فَذَكَرُوا لِابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، التَّوْبَةَ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٣]» (٢).

وهذا من باب تعظيم حرمة قتل المسلمين وإراقة الدماء بغير حق. وإلا فالصحيح أن من تاب، تاب الله عليه.

وفي سنن النسائي من حديث جندب -رضي الله عنه- قال: حدثني فلان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِقَاتِلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: [يَا رَبِّ] سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي؟ فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ عَلَى مُلْكِ فُلَانٍ». قَالَ جُنْدُبٌ: فَاتَّقِهَا (٣). وهذا يدُلُّ على عِظَمِ أمر الدم.

[أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء]

وجاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ في الدِّمَاءِ» (٤).

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "وفي الحديث عِظَمُ أَمْرِ الدم؛ فإنَّ البَدَاءة إنما تكون بالأهم، والذنبُ يَعظُم بحسب عِظَمِ المفسدةِ وتفويتِ المصلحة، وإعدامُ البنية الإنسانية غايةٌ في ذلك، وقد ورد في التغليظ في أمر القتل آيات كثيرة وآثار شهيرة" (٥).


(١) أخرجه النسائي (٣٩٩٧) وهو في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (١٩١٠)
(٢) أخرجه الترمذي (٣٠٢٩) وأحمد (٣٤٤٥). وهو في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (١٩١١)
(٣) أخرجه النسائي (٣٩٩٨) وأحمد (١٦٦٠٠). وهو في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (١٩٠٩)
(٤) أخرجه البخاري (٦٥٣٣)، ومسلم (١٦٧٨).
(٥) فتح الباري (١١/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>