للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشجاع الأقرع: الحية الذكر المتمعِّط شعرُ رأسِه لكثرة سُمِّه. وقوله: «لَهُ زَبِيبَتَانِ» أي: نقطتان سوداوان فوق عيني الحية، فيؤتى بالمال نفسه الذي مَنَعَه، فيُحوَّل مالُه إلى هذا الأمر ثم يُعذَّب به.

وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه يؤتى بالمال نفسه فيُعذَّب به، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» (١). فقوله في هذا الحديث: «فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» يدل على أن هذا العذاب ليس لكافر كما قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- (٢) وغيره؛ لأنه لو كان كافرًا لما قال: «يُرَى سَبِيلُهُ» إنما يقال هو من أهل النار، فدلَّ ذلك على أن هذا العذاب لعصاة المؤمنين والذين لم يخرجوا زكاة مالهم.

[حال المتكبرين يوم القيامة]

وجاء في بيان حال المتكبر يوم القيامة الحديث في سنن الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ» (٣). «يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ» يعني: يأتي مثل الذرة، مثل صغار النمل، لا يعبأ به الناس بل يطؤونه بأقدامهم وأرجلهم وهم لا يشعرون.

[حال من كتم علما يوم القيامة]

وتأمل ما جاء في قول الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٤)} [البقرة].

قال ابن كثير: "وقوله: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ} وذلك لأنه غضبانُ عليهم؛ لأنهم كتموا وقد علموا، فاستحقُّوا الغضب، فلا ينظر إليهم، ولا


(١) أخرجه مسلم (٩٨٧).
(٢) مجموع رسائل وفتاوى ابن عثيمين (١٢/ ١١٣).
(٣) تقدم (ص: ١٢٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>