للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آية سورة ص]

وتأملوا آية سورة ص، إذ يقول -جل وعلا-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)}. قال العلامة السعدي -رحمه الله-: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} أي: هذه الحكمة من إنزاله، ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود. {وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} أي: أولو العقول الصحيحة، يتذكرون بتدبرهم لها كل علم ومطلوب، فدل هذا على أنه بحسب لب الإنسان وعقله يحصل له التذكر والانتفاع بهذا الكتاب ا. هـ (١)

وقال نظام الدين النيسابوري في تفسيره -رحمه الله-: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} ليتأملوا فيها ويستنبطوا الأسرار والحقائق منها فمن حفظ حروفه وضيع حدوده كان مثله كمثل معلق اللؤلؤ والجواهر على الخنازير ا. هـ (٢)

وقال الشوكاني -رحمه الله-: "وفي الآية دليلٌ على أن الله -سبحانه وتعالى- إنما أنزل القرآن للتدبر والتفكر في معانيه، لا لمجرد التلاوة بدون تدبر" (٣).

وقال بعض أهل التفسير: وتدبر الآيات: التفكر فيها، والتأمل الذي يؤدى إلى معرفة ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني الحسنة، لأن من اقتنع بظاهر المتلوّ، لم يحل منه بكثير طائل، وكان مثله كمثل من له لقحة درور لا يحلبها، ومهرة نثور لا يستولدها ا. هـ (٤)

[كلام بديع ومهم للحسن البصري]

وقال الإمام عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ الْحَسَنِ البصري -رحمه الله- أنه قَالَ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ قَدْ قَرَأَهُ عَبِيدٌ وَصِبْيَانٌ [لَمْ يَأْتُوهُ مِنْ قِبَلِ


(١) تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: ٧١٢)
(٢) تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان (٥/ ٥٩٢)
(٣) فتح القدير (٤/ ٤٩٤).
(٤) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٤/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>