للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَيْنٍ» (١). وفي السنن عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» (٢)

[الخشية في الغيب والشهادة]

ثم يدعو فيقول: «وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ» يعني أن يرزقه الله الخشية في السر والعلانية، وفي الظاهر والباطن، وفي حال كونه مع الناس أو غائبًا عنهم، وهذا من الأدعية المباركة العظيمة التي لو وُفِّق إليها الإنسان لصار من السعداء؛ فإن الله يقول في وصف المتقين: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩)} [الأنبياء] فهذا ثناءٌ من الله -جل وعلا- على عباده المقربين المتقين.

ويقول: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣)} [ق] وهذا وَصْفٌ من لأهل الجنة. وأنهم الذين يخشونه،. ويتقونه.

وعَنْ مُطَرِّفٍ بن عبد الله -وهو من كبار التابعين- أنه قَالَ: " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اسْتَوَتْ سَرِيرَتُهُ، وَعَلَانِيَتُهُ قَالَ اللَّهُ: هَذَا عَبْدِي حَقًّا" (٣) وروي مرفوعا بسند ضعيف (٤).

وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَإِذَا خَلَا فَلْيُصَلِّ مِثْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهَا اسْتِهَانَةٌ يَسْتَهِينُ بِهَا رَبَّهُ أَلَا يَسْتَحِي أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أَعْظَمَ فِي عَيْنِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» (٥).


(١) أخرجه النسائي في الكبرى (١٠٣٣٠) وابن السني في عمل اليوم والليلة (٤٩) والحاكم في المستدرك (٢٠٠٠) والبيهقي في الأسماء والصفات (٢١٣) وفي الشعب (٧٤٥). وسنده حسن. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وفيه نظر بينه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٢٧)
(٢) أخرجه أبو داود (٥٠٩٠) والنسائي في الكبرى (١٠٤١٢) وأحمد (٢٠٤٣٠) والبخاري في الأدب المفرد (٧٠١) وصححه ابن حبان (٩٧٠) وجعفر بن ميمون مختلف فيه والأكثر على تضعيفه، وحسن له الشيخ الألباني حديثه هذا في صحيح الترغيب والترهيب (١٨٢٣) وفي كتاب النصيحة بالتحذير من تخريب «ابن عبد المنان» لكتب الأئمة الرجيحة وتضعيفه لمئات الأحاديث الصحيحة (ص: ٢٥٤).
(٣) أخرجه وكيع في الزهد (٥٢٦) -ومن طريقه: هناد في الزهد (٥٣٠) وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على الزهد لأبيه (١٣٢٧) وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٢/ ٢٠٤) -.
(٤) أخرجه ابن ماجه (٤٢٠٠) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، مرفوعا " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فِي الْعَلَانِيَةِ، فَأَحْسَنَ، وَصَلَّى فِي السِّرِّ، فَأَحْسَنَ، قَالَ اللَّهُ -عز وجل-: هَذَا عَبْدِي حَقًّا " وفي سنده بقية بن الوليد وهو مدلس وقد عنعن.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٨٤٠٤) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ-وهو سلام بن سليم-؛ وأخرجه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (٨٦٤) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ؛ ورواه ابن أبي حاتم، في التفسير (٥٩٣٨) قال حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَذْرَمِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ؛ ثلاثتهم (أبو الأحوص وإسرائيل واللفظ له، وشريك) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ-وهو عوف بن مالك بن نضلة-، عَنْ ابن مسعود قال: فذكره. زاد شريك: ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (١٠٨)} [النساء: ١٠٨]. ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأحوص -وهو عوف بن مالك بن نضلة- فمن رجال مسلم. وأبو إسحاق هو السبيعي ثقة مشهور لكنه كان يدلس. ولإسرائيل فيه إسناد آخر فقد أخرجه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (٨٦٤) أيضا بالإسناد السابق فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: فذكره. ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (٨٤٠٥) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ. ورواه إبراهيم الهجري عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ أَحْسَنَ الصَّلَاةَ حَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ، ثُمَّ أَسَاءَهَا حِينَ يَخْلُو، فَتِلْكَ اسْتِهَانَةٌ اسْتَهَانَ بِهَا رَبَّهُ». رواه عبد الرزاق في مصنفه (٣٧٣٨) والبيهقي في شعب الإيمان (٢٨٥١) عَنِ الثَّوْرِيِّ، وأخرجه ابن أبي حاتم، في التفسير (٥٩٣٩) عَنْ شَرِيكٍ، وأخرجه البيهقي في السنن الصغير (٨٤٩) والسنن الكبرى (٣٥٨٤) وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (١٩٩١) عَنْ زَائِدَةَ، وأبو يعلى في مسنده (٥١١٧) عن مُحَمَّد بْن دِينَارٍ، وإسحاق بن راهويه كما في المطالب العالية (٣٢١٣) - وعنه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (٨٦٥) عن أبي معاوية؛ والشهاب في مسنده (٥٠٥، ٥٠٦، ٥٠٧) عن علي بن مسهر وابن فضيل وعلي بن عاصم الواسطي؛ كلهم (الثوري وشريك وزائدة ومحمد بن دينار وأبو معاوية وابن مسهر وابن فضيل وعلي الواسطي) عن إبراهيم الهجري به مرفوعا. وخالفهم المحاربي فوقفه؛ قال الطبري في تهذيب الآثار مسند عمر (١١٢٦) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: «إِذَا أَحْسَنَ الْعَبْدُ الصَّلَاةَ حِينَ يَرَاهُ النَّاسُ، وَأَسَاءَهَا حِينَ يَخْلُو، فَتِلْكَ اسْتِهَانَةٌ يَسْتَهِينُ بِهَا الْعَبْدُ رَبَّهُ» كذا وقع فيه (عن أبي مسعود) ولعل الصواب: ابن مسعود. قال أبو الحسن القطان في بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (٢٢٦٠) … سكت عَنهُ، وَلكنه أبرز جَمِيع إِسْنَاده، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يتَوَهَّم صِحَّته، وَإِنْ كَانَ لم يقدم فيهم شَيْئا، فَإِنْ أَبَا إِسْحَاق الهجري: إِبْرَاهِيم بن مُسلم. ضَعِيف، قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ حديثه بِشَيْء، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي، لين الحَدِيث وَأَبُو مُحَمَّد يُضعفهُ. وقال المنذري في الترغيب والترهيب (١/ ٣٣) رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي كِتَابه وَأَبُو يعلى كِلَاهُمَا من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن مُسلم الهجري عَنْ أبي الْأَحْوَص عَنهُ وَرَوَاهُ من هَذِه الطّرق ابْن جرير الطَّبَرِيّ مَرْفُوعا أَيْضا وموقوفا على ابْن مَسْعُود وَهُوَ أشبه وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (١٠/ ٢٢١): رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ الْهَجَرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ا. هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>