للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدلت هذه الآية أن الناس يأتون يوم القيامة إلى أرض المحشر أفواجًا أي:

أُمَمًا، كلُّ أمة مع إمامهم قال القرطبي: "وقيل: زُمَرًا وجماعات" (١).

وقال تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣)} [النمل: ٨٣] {فَوْجًا} أي: زمرة وجماعة، {فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي: يُدفَعون ويُساقُون إلى موضع الحساب {حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (٨٥)} [النمل].

فهذه جملةٌ من الآيات الكثيرة المتعلِّقة بهذه المسألة، وقد وَرَدَ الإيمانُ بالحشر كثيرًا في القرآن، وجاء بيانُه في آيات وأدلة عدة.

[وجوب الإيمان بالحشر]

إذًا كلمة الحشر تعني كلَّ ما يحصل من أحداث منذ أن يُبعَث الناس من قبورهم إلى انتهاء أرض الموقف وانفصال الناس إلى الجنة والنار، وكلُّ ذلك مما يجب الإيمان به، ويدخل تحت اسم الحشر. والإيمان بالحشر هو من الإيمان باليوم الآخر، فيجب الإيمان بما يكون يوم القيامة من الحشر والحساب وغيرهما. وهذا كما ذكرنا داخلٌ في الشعبة السادسة، وهي الإيمان باليوم الآخر، وهو أحد أركان الإيمان الستة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لجبريل لما سأله: ما الإيمان؟ قال: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» (٢).

[أثر الإيمان بالحشر]

وللإيمانِ بالحشر أثرٌ عظيمٌ على المؤمن؛ فإنه يُورِث عند العبد الخوف مما يكون في ذلك اليوم، فيخشى من الحساب، ويخشى من العذاب، ويدفعه ذلك لفعل الطاعات وترك المنكرات والبُعْد عن عصيان ربِّ الأرض والسماوات.

[من أدلة السنة على الحشر]

ومن أدلة السنة: ما جاء في الصحيحين من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:


(١) تفسير القرطبي (١٩/ ١٧٥).
(٢) تقدم تخريجه في المجلس الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>