للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْمِثْلِيَّةَ عَلَى تَحْصِيلِ الثَّوَابِ فَقَالَ مَعْنَى كَوْنِهَا ثُلُثَ الْقُرْآنِ أَنَّ ثَوَابَ قِرَاءَتِهَا يَحْصُلُ لِلْقَارِئِ مِثْلَ ثَوَابِ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ … وَقِيلَ الْمُرَادُ: مَنْ عَمِلَ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ من الْإِخْلَاص والتوحيد كَانَ كمن قرأ ثلث الْقُرْآنِ … وَقَالَ ابن عَبْدِ الْبَرِّ: مَنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ هَذَا الْحَدِيثَ أَخْلَصُ مِمَّنْ أَجَابَ فِيهِ بِالرَّأْيِ .... وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّهَا تُضَاهِي كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجُمَلِ الْمُثْبِتَةِ وَالنَّافِيَةِ مَعَ زِيَادَةِ تَعْلِيلٍ؛ وَمَعْنَى النَّفْيِ فِيهَا: أَنَّهُ الْخَالِقُ الرَّزَّاقُ الْمَعْبُودُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَهُ مَنْ يَمْنَعُهُ كَالْوَالِدِ وَلَا مَنْ يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ كَالْكُفْءِ وَلَا مَنْ يُعِينُهُ عَلَى ذَلِكَ كَالْوَلَدِ ا. هـ (١)

[من التأمل في أسماء الله الحسنى وصفاته العلى]

فهذا كله يدلنا على أهمية العناية بتعلم أسماء الله وصفاته والتدبر والتفكر فيها؛ فهذا يعود على المسلم بالإيمان الصحيح. ويعود عليه بقوة الإيمان، فيزداد إيمانًا.

[الغني الحميد]

فحينما يتأمل في أسماء الله -جل وعلا- وفي صفاته، ويعلم مثلا: أن الله -سبحانه وتعالى- {غَنِيٌّ حَمِيدٌ}، فإنه يزداد ثقةً بربه -جل وعلا-. فلله الغنى التام والحمدُ التام. والغنى صفة كمال لله والحمد كذلك واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر فله ثناء سبحانه من غناه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما (٢)، ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، وهو الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه الغني في حمده. (٣)

[الحميد المجيد]

وتأمل مثلًا في اسمه -سبحانه وتعالى- {الْحَمِيدُ} و {الْمَجِيدُ}:

قال ابن القيم -رحمه الله-: فاسمه الحميد المجيد يمنع ترك الإنسان سدًى مهملًا معطَّلًا، لا يؤمر ولا ينهى ولا يثاب ولا يعاقب. وكذلك اسمه الحكيم يأبى ذلك، وكذلك اسمه


(١) فتح الباري (٩/ ٦١)
(٢) ينظر: بدائع الفوائد - ط عطاءات العلم (١/ ٢٨٣)
(٣) ينظر: تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص ٦٨٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>