للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً - أَوْ وَاحِدًا - مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ-يعني العصا- فِي الْمِنْبَرِ: «هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ» - يَعْنِي الْمَدِينَةَ - … الحديث (١)

[الملائكة حراس الشام]

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نُؤَلِّفُ القُرْآنَ مِنَ الرِّقَاعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «طُوبَى لِلشَّامِ»، فَقُلْنَا: لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا» (٢) قال المناوي: أي لأن ملائكة البليغِ الرحمة، الذي وسعت رحمته كل شيء تحفها وتحوطها بإنزال البركات ودفع المهالك والمؤذيات ا. هـ (٣)

ملك الموت -عليها السلام-:

وكذلك ملك الموت: جاء ذكره في الكتاب والسنة بـ "ملك الموت"، ويُسمِّيه بعض الناس عزرائيل وهذه التسمية لا وجود لها في القرآن ولا في الأحاديث الصحيحة (٤). قال الله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)} [السجدة]. قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: الظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ مَلَكَ الموت شخص مُعَيَّنٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ "إِبْرَاهِيمَ"،


(١) صحيح مسلم (٢٩٤٢).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٩٥٤) وأحمد (٢١٦٠٦، ٢١٦٠٧) وصححه ابن حبان (٧٣٠٤) والحاكم (٢٩٠٠) وقال على شرط الشيخين ووافقه العلامة الألباني في الصحيحة (٥٠٣). قلت: الحديث حسن صحيح وأسانيده عند الحاكم ليست على شرطهما فإنه من رواية: عبد الرحمن بن شماسة، عن زيد بن ثابت وعبد الرحمن ليس من رجال البخاري ثم إن آخر الرجال في السند ليس من رجالهما وانظر تحقيق المسألة في بيان شرط الشيخين في السلسلة الصحيحة (٣/ ٦٦) وإسناد ابن حبان قال محققه: صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة وابن شماسة، فمن رجال مسلم ا. هـ وهو كما قال. والله أعلم.
(٣) «فيض القدير» (٤/ ٢٧٤)
(٤) قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (١/ ١٠٦): وَأَمَّا مَلَكُ الْمَوْتِ فَلَيْسَ بِمُصَرَّحٍ بِاسْمِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ، وَقَدْ جَاءَ تَسْمِيَتُهُ فِي بَعْضِ الْآثَارِ بِعِزْرَائِيلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ا. هـ وقال الألباني في أحكام الجنائز (١/ ٢٥٤) اسم عزرائيل: لا أصل له في السنة ا. هـ وانظر: موسوعة الألباني في العقيدة (٨/ ٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>