للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس السادس عشر (١)

قدرة الملائكة على التشكل:

وأعطى الله -جل وعلا- الملائكة القدرة على أن يتشكَّلُوا بغير أشكالهم. فقد أرسل الله -جل وعلا- جبرائيل إلى مريم في صورة بشر، كما ذكر ذلك سبحانه في كتابه في سورة مريم: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧)} [مريم] الآيات.

كذلك أرسل الله -جل وعلا- الملائكة في صورة بشر إلى نبيه وخليله إبراهيم -عليها السلام- قال -جل وعلا-: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩)} [هود] الآيات.

وجاءت الملائكة إلى نبي الله لوط -عليها السلام- في صورة شباب حِسَانِ الوجوه، وضاق لوطٌ -عليها السلام- بهم، وخَشِيَ عليهم قومه؛ فقد كانوا قوم سوء، يفعلون السيئات، ويأتون الذُّكْران من العالمين قال -جل وعلا-: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧)} [هود]. قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "تبدَّو لهم في صورة شباب حِسَانٍ امتحانًا واختبارًا حتى قامت على قوم لوط الحجة، وأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر" (٢).

وقد جاء جبريل -عليها السلام- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في صفات عدة:

فتارة كان يأتي في صورة دحية بن خليفة الكلبي -رضي الله عنه- كما تقدَّم معنا- وكان صحابيًّا جميل الصورة. (٣) وتارة كان يأتي في صورة أعرابي حسن المظهر، شديد سواد الشعر، شديد بياض الثياب، لا يُرى عليه أَثَرُ السفر. كما جاء في الصحيح من حديث عمر -رضي الله عنه-: بينما


(١) كان في يوم الثلاثاء الثاني عشر من شهر رمضان ١٤٤١ هـ.
(٢) البداية والنهاية (١/ ٩١)، وانظر تفسير ابن كثير (٤/ ٣٣٦).
(٣) انظر ما تقدم في مبحث: الإيمان بالرسل (٢/ ٣٧) من هذه السلسة المباركة.

<<  <  ج: ص:  >  >>