للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ» والناصية: هي مقدمة رأس الإنسان، فهو بيد الله، يتصرف فيه كيف يشاء، ويحكم فيه بما يريد، لا معقِّب لحكمه، ولا رادَّ لقضائه.

فيا أيها العبد، موتك وسعادتك وشقاوتك وعافيتك وبلاؤك كلُّ ذلك إلى الله. فكرِّرْ هذا الدعاء وادعُ الله -عز وجل- به والتجئ إلى الله وأظْهِرْ ضعفك وفقرك إلى الغني الحميد فبهذا تطمئن نفسك. وتأمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الدعاء العظيم «مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ» ففيه تمام الرضا عن الله فالعبد يدعو الله ويتوسَّل إليه بأنه يعلم أن حكمه فيه ماضٍ، وهو يؤمن بحكم الله الشرعي وبحكم الله القدري الكوني، فكلاهما ماضيان في العبد شاء أم أبى ويقول: «عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ» فكلُّ أقضية الله-سبحانه-من صحة وسقم وغنى وفقر ولذة وألم وحياة وموت كلُّ ذلك عدل من الله-سبحانه- لأن العبد المسلم يؤمن بأن الله ليس بظلام للعبيد، كما قال سبحانه: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)} [فصلت] وكما قال -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤)} [يونس].

والأصل الثالث: أن يؤمن العبد بأسماء الله الحسنى وصفاته العظيمة الواردة في الكتاب والسنة، فيتوسل إلى الله -عز وجل- بها.

والأصل الرابع: العناية بالقرآن الكريم الذي هو كلام الله الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: ٤٢]

فالعبد يطلب من ربه بعد أن يتوسل إليه أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلبه، ونور صدره، وجلاء حزنه، وذهاب همه. وهذا الدعاء يقتضي من العبد أن يُقبِل على القرآن وأن يُقبِل على تعلم السنة، أما أن يدعو بهذا الدعاء ثم يهجر كتاب الله فإن هذا من المخادعة، وهذا الذي يسأل الله -جل وعلا- ثم لا يعمل بالأسباب التي تعينه على الوصول إلى ذلك فإنه مخدوع. فاتلُ كتاب الله، وتأمل كتاب الله، وأكثِرْ من تلاوته، وقل: " اللهم اجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>