ويصور الله لنا هذا الموقف في آية أخرى: فيقول -جل وعلا-: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٣٤)} [الفرقان] فيحشرون على وجوههم لا كما كانوا يمشون في الدنيا على أرجلهم. وقد جاء في الصحيحين من حديث أنس -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: قال رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال:
«أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(١) -بلى وعزةِ ربنا-. فهذه صورةٌ عظيمةٌ، صورةٌ فيها فزعٌ وخوفٌ، كيف يحشرون على وجوههم التي هي أشرف أعضائهم والتي يحميها الإنسان في الدنيا من كل أذى؟!
ويصور الله -عز وجل- لنا هولًا آخر مما يكون عند حشر هؤلاء إلى النار: فيقول سبحانه: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧)} [الإسراء].
وفي آية أخرى فيها أن الله يجمعهم مع نظرائهم ومع الأشرار: فيحشرون مع أزواجهم، كما قال الله -جل وعلا-: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣)} [الصافات]. {وَأَزْوَاجَهُمْ} يعني: ونظراءهم، فكلُّ من كان في شر يُحشَر مع من هو مثلُه. {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} أي: دلُّوهم على نار جهنم.
-نسأل الله السلامة والعافية-.
ويزيد بلاءَهم أنهم يكونون مغلوبين مقهورين أذلاء صاغرين: كما قال ربنا -جل وعلا-: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٢)} [آل عمران]
وقبل أن يصلوا إلى نار جهنم تَصُكُ مسامَعَهم أصواتُها التي تملأ قلوبهم رعبًا وهلعًا