للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ الْقَوَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما-، قَالَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ وَحَشَرَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ وَالدَّوَابَّ وَالْوُحُوشَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ جَعَلَ اللَّهُ الْقِصَاصَ بَيْنَ الدَّوَابِّ حَتَّى تَقُصَّ الشَّاةُ الْجَمَّاءُ مِنَ الْقَرْنَاءِ بِنَطْحَتِهَا فَإِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقِصَاصِ بَيْنَ الدَّوَابِّ قَالَ لَهَا: كُونِي تُرَابًا، فَتَكُونُ تُرَابًا فَيَرَاهَا الْكَافِرُ فَيَقُولُ: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (٤٠)} [النبأ]» (١)

وقال أبو ذر -رضي الله عنه-: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- شاتين تنتطحان فقال: «يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ؟» قال: لا. قال: «لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي، وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا» (٢).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» (٣)

قال النووي -رحمه الله-: هَذَا تَصْرِيحٌ بِحَشْرِ الْبَهَائِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِعَادَتِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا يُعَادُ أَهْلُ التَّكْلِيفِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَكَمَا يُعَادُ الْأَطْفَالُ وَالْمَجَانِينُ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ وَعَلَى هَذَا تَظَاهَرَتْ دَلَائِلُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)} [التكوير] وَإِذَا وَرَدَ لَفْظُ الشَّرْعِ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ إِجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ عَقْلٌ وَلَا شَرْعٌ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ ا. هـ (٤)

وقال الملا علي قاري -رحمه الله-: قال ابن المَلَك (٥): … فَإِنْ قِيلَ: الشَّاةُ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ، فَكَيْفَ يُقْتَصُّ مِنْهَا؟ قُلْنَا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَعَالٌ لِمَا يُرِيدُ وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ إِعْلَامُ


(١) رواه ابن أبي الدنيا في الأهوال (١٨٢) وابن جرير في التفسير (٢٤/ ٥٤) والحاكم في المستدرك (٨٧١٦) وأبو بكر الشافعي في الفوائد الشهير بالغيلانيات (١١٢٥) بسند صحيح عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ الْقَوَّاسِ به. والقواس ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال (٤/ ٥٧٦) وقال: ذكره سليمان التيمي ولينه. وقال ابن المديني: لا أعلم أحدا روى عنه غير عوف ا. هـ زاد الحافظ في لسان الميزان (٩/ ١٦٨): وقال إسحاق بن منصور عن ابن مَعِين: ثقة. وذَكَره ابن حِبَّان في "الثقات ا. هـ فالراجح فيه أنه ثقة كما قال ابن معين.
(٢) أخرجه أحمد (٢١٤٣٨) وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ٦١٠).
(٣) تقدم في المجلس السادس والعشرين.
(٤) شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٣٦).
(٥) هو محمد بن عبد اللطيف، ابن فِرِشْتَا، المعروف بابن مَلَك الكرماني (ت: ٨٥٤ هـ) فقيه حنفي، له كتب، منها: (شرح مصابيح السنة للبغوي) نقلا عن: «الأعلام» للزركلي [بزيادة بين معكوفتين]

<<  <  ج: ص:  >  >>