للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأقاويل لا تُعْرَف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-، وقيل له: إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ (١)، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ، -أي مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله تعالى وإنما يعلمه بعد وقوعه-؛ فَقَالَ عبدُ الله بن عمر -رضي الله عنهما-: «فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ» (٢)

وجاء في سنن الإمام أبي داود وابن ماجه عن عبد الله بن فيروز الديلمي قال: "أتيت أبيَّ بن كعبٍ (وتأمل هذا الحديث، تأمل هذه القصة لهذا التابعي) يقول: أتيت أبي بن كعب -رضي الله عنه- (وهو سيِّدُ القرَّاء من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر، فحدِّثْني بشيء لعلَّ الله جلَّ ثناؤه أن يُذهِبه من قلبي، فقال: «لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ» (أعطاه بيانًا شافيًا) يقول ابن الديلمي: ثم لقيت عبد


(١) قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: (١/ ١٥٥): هُوَ بِتَقْدِيمِ الْقَافِ عَلَى الْفَاءِ وَمَعْنَاهُ يَطْلُبُونَهُ وَيَتَتَبَّعُونَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَجْمَعُونَهُ … إلخ.
(٢) صحيح مسلم (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>