للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٦)} [التحريم]

ومما جاء أيضًا من السنة في ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى جبرائيل -عليهم السلام- على صورته التي خلقه الله عليها مرتين في خَلْقٍ عظيم: قال ربنا سبحانه: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)} [التكوير] وقال تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥)} [النجم]. والمقصود بهذه الآيات جبريلُ -عليها السلام- وأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى جبريل ليلة الإسراء والمعراج.

تقول أمُّنا عائشة -رضي الله عنها- كما في صحيح مسلم-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ» (١) وتقول -رضي الله عنها- أيضًا: كان يأتيه في صورة الرجال وإنه آتاه هذه المرة في صورته التي هي صورته فسَدَّ أُفُقَ السماء (٢).

وقال ابن مسعود -رضي الله عنه- كما في الصحيحين: "رأى محمد -صلى الله عليه وسلم- جبريل له ستمائة جناح" (٣) وقال أيضًا في قوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)} [النجم]: "أي: رفرفًا أخضر قد سَدَّ الأفق" (٤). وهذا الرفرف الذي سَدَّ الأفق هو ما كان عليه جبريل -عليها السلام-، رفرف ملأ ما بين السماء والأرض. وجاء في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل -عليها السلام- في صورته، وله ستمائة جناح، كلُّ جناح منها قد سَدَّ الأفق، يسقُط من جناحه من التهاويل والدُّرِّ واليواقيت ما الله به عليم" (٥). والتهاويل أي: الأشياء المختلفة الألوان.

وقال ربنا سبحانه في وصف جبريل -عليها السلام-: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١)} [التكوير]. فالرسول الكريم المقصود به: جبريل -عليها السلام-، و {ذِي الْعَرْشِ} هو ربُّ العزة.


(١) صحيح مسلم (١٧٧).
(٢) صحيح مسلم (١٧٧).
(٣) البخاري (٣٢٣٢)، مسلم (١٧٤).
(٤) البخاري (٣٢٣٣).
(٥) مسند الإمام أحمد (٣٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>