للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير -رحمه الله-: وَقَوْلُهُ: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِنَا فِي الْخَيْرِ. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: هُدَاةً مُهْتَدِينَ وَدُعَاةً إِلَى الْخَيْرِ، فَأَحَبُّوا أَنْ تَكُونَ عِبَادَتَهُمْ مُتَّصِلَةً بِعِبَادَةِ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَنْ يَكُونَ هُدَاهُمْ مُتَعَدِّيًا إِلَى غَيْرِهِمْ بِالنَّفْعِ، وَذَلِكَ أَكْثَرُ ثَوَابًا، وَأَحْسَنُ مَآبًا؛ وَلِهَذَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (١)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ، أَوْ عَلَمٍ يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ، أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ" ا. هـ (٢).

فهذه اثنتا عشرة كلمة مباركة يدعو بها المسلم في صلاته.

بوب عليها الإمامان النسائي في سننه والطبراني في الدعاء -وغيرهما-، بما يدل على قولها قبل السلام من صلاته بعد التشهد (٣).

وبوب عليه الإمام أبو حاتم ابن حبان فقال: «ذِكْرُ جَوَازِ دُعَاءِ الْمَرْءِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ» (٤)

قال ابن القيم -رحمه الله-: فجمع في هذا الدعاء العظيم بين أطيب شيء في الدنيا، وهو الشوق إلى لقائه سبحانه، وأطيب شيء في الآخرة، وهو النظر إلى وجهه سبحانه. ولما كان كمال ذلك وتمامه موقوفا على عدم ما يضر في الدنيا. ويفتن في الدين قال: «فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ». ولما كان كمال العبد في أن يكون عالما بالحق متبعا له معلماً لغيره، مرشدا له قال: «وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ». (٥)


(١) صحيح مسلم (١٦٣١).
(٢) تفسير ابن كثير ت سلامة (٦/ ١٣٣)
(٣) سنن النسائي (٣/ ٥٤/ ١٣٠٥)، الدعاء للطبراني (ص ١٩٨). وانظر: «الكلم الطيب» لابن تيمية (ص ٤٩) و «الوابل الصيب لابن القيم - ط عطاءات العلم» (١/ ٢٨٠) و «أصل صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- للألباني» (٣/ ١٠٨٠).
(٤) «صحيح ابن حبان» (٥/ ٣٠٤)
(٥) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (١/ ٢٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>