للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِنُسْخَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ نُسْخَةٌ مِنَ التَّوْرَاةِ، فَسَكَتَ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، مَا تَرَى بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ بَدَا لَكُمْ مُوسَى فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي، لَضَلَلْتُمْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا وَأَدْرَكَ نُبُوَّتِي، لَاتَّبَعَنِي» (١)

وقيل للحسن البصري -رحمه الله-: ما «مُتَهَوِّكُونَ»؟ فقال: متحيّرون. وعلق عليه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله- فقال: يقول: أمتحيّرون أنتم فى الإسلام، لا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنّصارى؟ قال أبو عبيد: فمعناه أنّه كره أخذ العلم من أهل الكتاب ا. هـ (٢)

وقال البغوي -رحمه الله-: قَوْلُهُ: «أَمُتَهَوِّكُونَ» أَيْ: مُتَحَيِّرُونَ أَنْتُمْ فِي الإِسْلامِ، لَا تَعْرِفُونَ دِينَكُمْ حَتَّى تَأْخُذُوهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَقَوْلُهُ: «بَيْضَاءَ نَقِيَّةً» أَرَادَ الْمِلَّةَ، لِذَلِكَ جَاءَ التَّأْنِيثُ، كَقَوْلِهِ: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)} [الْبَيِّنَة: ٥] أَيْ: تَفْسِيرُ الْمِلَّةِ الْقَيِّمَةِ الْحَنِيفِيَّةِ ا. هـ (٣)

وروى الإمام مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ كَعْبُ الأَحْبَارِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ مُصْحَفًا، قَدْ تَشَرَّمَتْ حَوَاشِيهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيَر الْمُؤْمِنِينَ، فِي هَذِهِ التَّوْرَاةُ فَأَقْرَؤُهَا؟ فَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: «إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا التَّوْرَاةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، يَوْمَ طُورِ سَيْنَاءَ، فَاقْرَأْهَا آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَإِلَاّ فَلَا»، فَرَاجَعَهُ


(١) أخرجه أحمد (١٥١٥٦) وابن أبي شيبة في المصنف (٢٦٤٢١) -ومن طريقه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (١٤٩٧) - والدارمي (٤٤٩) والرواية الأخرى له. والبيهقي في شعب الإيمان (١٧٥) وفي إسناده مجالد وهو ضعيف، لكن للحديث طرق أخرى ولذا حسنه العلامة الألباني في الإرواء (١٥٨٩)
(٢) غريب الحديث (٢/ ٣٢٤)
(٣) شرح السنة (١/ ٢٧١)

<<  <  ج: ص:  >  >>