للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفترقان. فكلمة التوحيد أفضل أنواع الإيمان، كما أنَّ الإيمان أفضل أنواع العمل، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» (١). فأفضل شعب الإيمان: قول لا إله إلا الله.

وهنا نأتي إلى مسألة ننبِّه عليها، وهي: أنه يجب على المسلم أن يعتني بإيمانه وتوحيده، وأن يعتني بمعرفة التوحيد ومعناه وما يضاده وما يكون سببًا في ضعفه ونقصه؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بَيَّنَ أنَّ أعلى شعب الإيمان قدرًا وأرفعَها درجةً هو توحيد الله -جل وعلا-. ولا يدخل الإنسان في هذا الدين، ويكون من المؤمنين ومن المسلمين إلَّا أن يشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله.

وقد جاء القرآن مبيِّنًا وموضِّحًا أنَّ من مات على التوحيد فهو الناجي وهو الفائز، وأنَّ من مات على غيره فهو من الهالكين، قال ربنا -جل وعلا-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦)} [البينة: ٦].

فحتى لو كانوا من أهل الكتاب الذين آمنوا بما آمنوا به وبكتابهم لكنهم سمعوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء والمرسلين، ولم يؤمنوا بدعوته، فإنهم من أصحاب النار، بل قال الله -جل وعلا-: {أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ}. فنسأل الله السلامة والعافية.

وبعض الناس اليوم يجادل فيقول: هؤلاء أهل كتاب، ولا ينبغي أن يقال: إنهم من أهل النار!. والقرآنُ والسنة يردَّان عليه، بل وإجماع علماء الأمة، ولكنه الجهل بدين الله، -نعوذ بالله من الضَّلال-. وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» (٢)

قال العلامة الألباني -رحمه الله-: «يَسْمَعُ بِي»؛ أي: على حقيقته -صلى الله عليه وسلم- بشراً رسولاً نبياً فمن سمع به على غير ما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- من الهدى والنور ومحاسن الأخلاق؛ بسبب بعض جهلة المسلمين؛ أو دعاة الضلالة من المنصرين والملحدين؛ الذين يصورونه لشعوبهم


(١) أخرجه البخاري (٢٦)، ومسلم (٨٣).
(٢) صحيح مسلم (١٥٣)، تفرد به عن أصحاب الكتب الستة كما في تحفة الأشراف (١٥٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>