للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «مِنْ آبَائِهِمْ» قُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» (١).

وبين -رحمه الله- أن هذا الحديث يوضح أن قوله -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَرَارِيِّ المُشْرِكِينَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» خرج جوابًا لهم حين أخبرهم أنَّهم من آبائهم، فقالوا: "بلا عمل؟ ". فهو يدلُّ على أنَّ الذين يُلحَقون بآبائهم منهم هم الذين علم الله أنهم لو عاشوا لاختاروا الكفر وعملوا به، فهؤلاء مع آبائهم. ولا يقتضي أن كلَّ واحدٍ من الذرية مع أبيه في النار، وقول عائشة: بلا عمل؟ وإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لما فهمته معناه أنهم يُلحَقون بهم بلا عمل في أحكام الدنيا، ولا ينفي هذا أن يُلحَقوا بهم في الآخرة بأسبابٍ أُخَر كامتحانهم في عَرَصات القيامة. (٢)


(١) سنن أبي داود (٤٧١٢) وصحح سنده العلامة الألباني في صحيح السنن، وقال شيخنا العلامة الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (٤١٣): هذا حديث صحيحٌ من حيث السند، وأما من حيث المتن فإن حُمِل على الحكم الدنيوي؛ فيما إذا بَيَّت الكفار المسلمون ولم يستطيعوا التمييز بين الكبير والصغير فالأبناء من آبائهم. وأما الحكم الأخروي فهم في الجنة، كما في حديث سمرة بن جندب. راجع "تهذيب السنن" لابن القيم ا. هـ
(٢) انظر: «أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم» (٢/ ٢٢٠) وفي «التمهيد - لابن عبد البر» (١٨/ ١٢١ ط المغربية) قال: «وَيُحْتَمَلُ مِنَ التَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ كَحَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ سَوَاءً فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا». قلت: وحديث الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ -رضي الله عنه- رواه البخاري (٣٠١٢) ومسلم (١٧٤٥) أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قِيلَ لَهُ: لَوْ أَنَّ خَيْلًا أَغَارَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَأَصَابَتْ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» والمعنى: أنَّهم إن أُصِيبوا في التَّبْيِيت والغَارة فلا قوَدَ ولا دِيَةَ على مَنْ أصابهم لكونهم أولادَ مَنْ لا قوَدَ ولا ديةَ لهم. وعلى ذلك مخرج الحديث سؤالًا وجوابًا. فهو في أحكام الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>