للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجَّته عليهم. وأحَقُّ المواطن أن تُقامَ فيه الحُجَّة يومَ يقوم الأشهاد، … قال والقول بموجبها هو قول أهل السنة والحديث كما حكاه الأشعري عنهم في «المقالات» وحكى اتفاقهم عليه، وإن كان قد اختار هو فيها أنَّهم مردودون إلى المشيئة، وهذا لا يُنافي القولَ بامتحانهم، فإنَّ ذلك هو مُوجَب المشيئة … إلخ (١)

وقال الحافظ عماد الدين إسماعيل ابن كثير -رحمه الله-: وَهَذَا الْقَوْلُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ كُلِّهَا، وَقَدْ صَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْمُتَعَاضِدَةُ الشَّاهِدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ،: عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي "كِتَابِ الِاعْتِقَادِ" وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ وَالْحُفَّاظِ النُّقَّادِ ا. هـ

قلت: قوله: وقد صرحت به الأحاديث … إلخ. الأحاديث التي ورد فيها عَدُّ المولود من أهل الفترة الذين يمتحنون ضعيفة الإسناد، وارتقاؤها للصحة بالمجموع مما ينازع فيه. لكن يستفاد مسألة الامتحان من الأحاديث الصحيحة الواردة في غيرهم. ومن عمومات الشريعة الدالة على أن الله لا يعذب أحدا بلا حجة كما تقدم.

وقال ابن القيم -رحمه الله-: وفي استدلال هذه الفرقة -يعني القائلين بالوقف- … بهذه النصوص نظرٌ، فإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يُجِب فيهم بالوقف، وإنَّما وكَّل عِلمَ ما كانوا يعملون لو عاشوا إلى الله، والمعنى: الله أعلم بما كانوا يعملون لو عاشوا. فهو سبحانه يعلم القابل منهم للهدى العاملَ به لو عاش، والقابلَ منهم للكفر المؤثرَ له لو عاش. ولكن لا يدلُّ هذا على أنَّه سبحانه يَجزِيهم بمجرَّد علمِه فيهم بلا عمل يعملونه. وإنَّما يدلُّ هذا على أنَّه يعلم مَنْ يؤمن ومَن يكفر بتقدير الحياة. وأمَّا المُجازاة على العلم فلم يتضمَّنها جوابُه -صلى الله عليه وسلم-» (٢). ثم ذكر ابن القيم ما في سنن أبي داود بسند صحيح عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ


(١) ينظر: «أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم» (٢/ ٢٥٦ - وما بعدها)
(٢) «أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم» (٢/ ٢٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>