للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِلْمِي تَصِيرُونَ، فَتَأْخُذُهُمُ النَّارُ» رواه الطبراني وغيره (١)

وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه شمس الدين ابن القيم، واختاره أيضا تلميذه الحافظ عماد الدين إسماعيل ابن كثير وغيرهم من المحققين.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وهذا التفصيل هو الصواب، فإن الله قال في القرآن {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)} [ص]، فأقسم سبحانَه أنه لابدّ أن يملأ جهنم من إبليسَ وأتباعِه، وأتباعُه هم العصاةُ، ولا معصيةَ إلا بعد التكليف، فلو دخلَها الصبي والمجنون لدخَلَها مَنْ هو من غير أتباعِه، فلم تَمتلئْ منهم. وأيضًا فقد قال سبحانه: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} [الإسراء] … ، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن الله لا يُعذب إلا من جاءه نذير وأتاه رسولٌ، والطفلُ والمجنون ليسا كذلك كالبهائم … إلخ ا. هـ (٢)

وقال ابن القيم -رحمه الله- -عن القول بأنَّهم يُمتحَنون في الآخرة-: وهذا قول جميع أهل السنة والحديث، حكاه الأشعري عنهم في كتاب «الإبانة» الذي اتفق أصحابه على أنه تأليفه، وذكره ابن فُورَك، وذكره أبو القاسم بن عساكر في تصانيفه، … وحكاه محمد بن نصر المروزي في كتابه في «الرد على ابن قتيبة»، واحتج له -ثم ذكر أحاديث الامتحان المتقدمة والأحاديث الواردة في المولود خاصة وذكر أنه يعضد بعضها بعضا-. وبين أنَّها "هي المُوافِقة للقرآن وقواعد الشرع، فهي تفصيلٌ لِما أخبَرَ به القرآنُ أنَّه لا يعذَّب أحدٌ إلَّا بعد قيام الحُجَّة عليه. وهؤلاء لم تقُمْ عليهم حُجَّةُ الله في الدُّنيا، فلا بُدَّ أن يقيم


(١) رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول للحكيم النسخة المسندة (ص: ٣٤٩) والمروزي [كما في «التمهيد لابن عبد البر» (١١/ ٣٨٩ ت بشار)، و «أحكام أهل الذمة لابن القيم - ط عطاءات العلم» (٢/ ٢٦٠)]- والطبراني في المعجم الكبير (٢٠/ ٨٣) رقم (١٥٨) وفي المعجم الأوسط (٧٩٥٥) وفي مسند الشاميين للطبراني (٢٢٠٥) وعنه وعن غيره أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٥/ ١٢٧ و ٩/ ٣٠٥). وذكر الطبراني وأبو نعيم: أنه تفرد به عمرو بن واقد ا. هـ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ٢١٧): رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك عند البخاري وغيره، ورمي بالكذب، … إلخ ا. هـ
(٢) «جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم» (٣/ ٢٣٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>