عباس ومجاهد: كُلَّمَا أَحْرَقَتْهُمْ تُسَعَّرُ بِهِمْ حَطَبًا، فَإِذَا أَحْرَقَتْهُمْ فَلَمْ تُبْقِ مِنْهُمْ شَيْئًا صَارَتْ جَمْرًا تَتَوَهَّجُ، فَذَلِكَ خَبْوُهَا، فَإِذَا بُدِّلُوا خَلْقًا جَدِيدًا عَاوَدَتْهُمْ. (١)
وقال ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضَرِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- لِكَعْبٍ: خَوِّفْنَا يَا كَعْبُ، فَقَالَ [«يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ مِنْ أُمَّةٍ مَرْحُومَةٍ» ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ]: [يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوَ لَيْسَ فِيكُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَحُكْمُ رَسُولِهِ؟ قَالَ: بَلَى، ثُمَّ قَالَ: خَوِّفْنَا يَا كَعْبُ، قال فَقُلْتُ] وَاللَّهِ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً قِيَامًا مُنْذُ خَلَقَهُمُ اللَّهُ، مَا ثَنَوْا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ رُكُوعًا، مَا رَفَعُوا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ سُجُودًا، مَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّوَرِ النَّفْخَةَ الْآخِرَةَ، فَيَقُولُونَ جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، مَا عَبَدْنَاكَ كَكُنْهِ مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْبَدَ، ثُمَّ قَالَ: " وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ يَوْمَئِذٍ كَعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا، لَاسْتَقَلَّ عَمَلَهُ مِنْ شِدَّةِ مَا يُرَى يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهِ لَوْ دُلِّيَ مِنْ غِسْلِينَ دَلْوٌ وَاحِدٌ فِي مَطْلَعِ الشَّمْسِ، لَغَلَتْ مِنْهُ جَمَاجِمُ قَوْمٍ فِي مَغْرِبِهَا، وَاللَّهِ لَتَزْفُرَنَّ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا خَرَّ جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَقُولُ: نَفْسِي نَفْسِي، وَحَتَّى نَبِيِّنَا وَإِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، يَقُولُ -أي إبراهيم-: رَبِّ أَنَا خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمَ،، [قَالَ: فَأَطْرَقَ عُمَرُ مَلِيًّا، قَالَ: قُلْتُ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَلَسْتُمْ تَجِدُونَ هَذَا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى؟» قَالَ: قَالَ عُمَرُ: كَيْفَ؟ قُلْتُ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١١١)} [النحل]، قَالَ: فَسَكَتَ عُمَرُ] [وفي رواية: فَبَكَى عُمَرُ فَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ]، وقَالَ: فَأَبْكَى الْقَوْمَ حَتَّى نَشَجُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ، قَالَ: يَا كَعْبُ، بَشِّرْنَا، فَقَالَ: أَبْشِرُوا، [«يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ، مَا يَزَالُ اللهُ يَوْمَئِذٍ بِرَحْمَتِهِ وَصَفْحِهِ وَحِلْمِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَكَ عَمَلُ أَرْبَعِينَ طَاغُوتًا لَظَنَنْتَ أَنَّكَ سَتَنْجُو، إِنَّ إِبْلِيسَ يَوْمَئِذٍ لَيَتَطَاوَلُ طَمَعًا مِمَّا يَرَى مِنَ الرَّحْمَةِ»]، فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ شَرِيعَةً، لَا يَأْتِي أَحَدٌ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَ كَلِمَةِ
(١) تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (١٥/ ٩٥)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute