للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظل يُشعِر عادةً بالنداوة والبرودة، وتحبه النفوس لكنه في نار جهنم نوعٌ آخرُ من العذاب. كما قال الله -جل وعلا-: {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (٣٣)} [المرسلات].

وروى الطبراني في المعجم الأوسط عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-، فِي قَوْلِ اللَّهِ -عز وجل-: {تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢)} [المرسلات] قَالَ: «أَمَا إِنَّهَا لَيْسَتْ مِثْلَ الشَّجَرِ وَالْجَبَلِ، وَلَكِنَّهَا مِثْلُ الْمَدَائِنِ وَالْحُصُونِ» (١)

وقوله: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (٣٣)} أَيْ: كَالْإِبِلِ السُّودِ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. (٢)

والآيات تقرر أنَّ الدخان الذي يتصاعد من هذه النار لضخامته ينقسم إلى أقسام وهو يلقي ظلالًا، ولكنها غير ظليلة ولا تقي من اللهب المشتعل.

- نسأل الله أن يحمينا وإياكم من نار جهنم-.

ويقول الله -جل وعلا- عن النار يوم القيامة: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢)} [الفرقان]. قال الحافظ ابن كثير: وَقَوْلُهُ: {إِذَا رَأَتْهُمْ} أَيْ: جَهَنَّمُ {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} يَعْنِي: فِي مَقَامِ الْمَحْشَرِ. قَالَ السُّدِّيُّ: مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} أَيْ: حَنَقًا عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا


(١) المعجم الأوسط (٩١٢) ورواه سعيد بن منصور في سننه - تكملة التفسير ٦ - ٨ ط الألوكة» (٢٣٧٦) ومن طريقه البيهقي في البعث والنشور ت الشوامي (١١٠١). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٧/ ١٣٢) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه حديج بن معاوية وهو ضعيف، وقال أبو حاتم: محله الصدق يكتب حديثه، وبقية رجاله ثقات ا. هـ وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (٢١٣٥). وأخرجه ابن أبي الدنيا في "صفة النار" (١٧٣) بسند ضعيف عن علقمة قوله، ولم يذكر ابن مسعود.
(٢) تفسير ابن كثير ت سلامة (٨/ ٢٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>