للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن هؤلاء الجفاة الذين نادوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من وراء الحجرات، ورفعوا أصواتهم فوق صوته غلظةً منهم وجفاءً لا نفاقًا وكفرًا.

ومنها: أنه قال: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} ولم ينفِ دخول الإسلام في قلوبهم ولو كانوا منافقين لنفى عنهم الإسلام كما نفى الإيمان (١).

ومنها: أنه قال: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ} فأثبت لهم إسلامهم، ونهاهم أن يمنُّوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو لم يكن إسلامًا صحيحًا لقال: لم تسلموا بل أنتم كاذبون … إلى آخر كلامه -رحمه الله تعالى- (٢).


(١) وهناك فرق عند العلماء بين كلمة "لم" وبين كلمة "لما" فإذا قال إنسان جاء زيد وعمرو لمَّا، يعني لمَّا يأتِ بعدُ وقد يأتي، فيحتمل أنه يأتي، ولكن إذا قال: لم يأتِ زيد فالمراد بذلك: لم يأتِ فيما مضى ولا يرجى أن يأتي فيما بعد؛ ولهذا لما قال: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} لم ينفِ أنه قد يدخل الإيمان في قلوبهم في المستقبل، ويصبحوا مؤمنين أقوياء في إيمانهم؛ ولذلك في تمام الآية يقول سبحانه: {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} لا يلتكم يعني لا ينقصكم، والمنافق لا طاعة له، فدلَّ هذا على أن هذه الآية وردت في أهل الإسلام.
(٢) انظر: بدائع الفوائد (٤/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>